أصدرت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا ) دليلاً حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، يتضمن استعراضاً لمكوناته وحالات استخدامه وفوائده وطرق تبنيه وأثره في مختلف التطبيقات الرقمية وخدمات القطاعات الحيوية، في خطوة تستهدف فيها سدايا رفع مستوى الوعي حول أهمية الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي بات عنصراً مهماً في عصرنا الحالي، بما يسهم في تعزيز بناء مستقبل مشرق للمملكة وفق رؤيتها الطموحة 2030 لتكون من مصاف الدول الرائدة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي. ويأتي ذلك الاهتمام في ظل ما يشهده العالم من تطور متسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي بجانب زيادة في حجم البيانات المتاحة وتنوعها، وتحسّن قوة الحاسبات وسرعتها، حيث يشير هذا التقدم إلى بداية حقبة جديدة في عالم التقنية التي لا يقتصر دورها على فهم عالمنا فقط بل القدرة أيضاً على المشاركة في تشكيله، والذكاء الاصطناعي التوليدي هو ثمرة تقدم التقنيات، ويُعد نقلة نوعية في كيفية تفاعل الآلات مع المستخدمين. وتشير التوقعات المستقبلية إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سوف يستخدم في الكثير من المنتجات ويؤثر فيها، فعلى سبيل المثال: ستُكتشف 30% من الأدوية والمواد الجديدة باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بحلول عام 2025م، وستُضمن 70% من شركات البرمجيات قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي في تطبيقاتها وسيستخدم لأتمتة تصميم 60% من المواقع والتطبيقات بحلول عام 2026م، بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتطوير 15% من التطبيقات الجديدة تلقائياً ودون تدخل البشر بحلول عام 2027م، في حين من المتوقع أن تصل القيمة السوقية للذكاء الاصطناعي التوليدي إلى أكثر من 4.8 ترليونات ريال سعودي بحلول عام 2032م، كما قد يسهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 7% خلال ال (10) السنوات القادمة. والذكاء الاصطناعي التوليدي هو نوع من أنواع الذكاء الاصطناعي الذي يستخدم تقنيات تعلم الآلة والشبكات العصبية العميقة لمحاكاة قدرة الإنسان في إنشاء بيانات جديدة أو محتوى أصيل ومبتكر، مثل: النصوص والصور ومقاطع الفيديو، ويمكن لنماذجه توليد مخرجات من نفس نوع المدخلات، مثل: من نص إلى نص، أو من نوع مختلف، مثل: من نص إلى صورة أو مقطع فيديو. وتوجد عدة اختلافات بين نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي ونماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى، من أبرزها قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي على إنشاء محتوى أو بيانات جديدة تعكس خصائص بيانات التدريب، ولكن لا تكررها، إضافة إلى إمكانية تطبيق هذه النماذج على مجموعة واسعة من المهام الإبداعية. وتعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي على عدة طبقات تقنية؛ لدعم تشغيل التطبيقات والخدمات التوليدية، ويمكن تقسيم هذه الطبقات إلى أربع طبقات رئيسية: (التطبيقات) وهي برمجيات تستخدم قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي لأداء مهمة أو وظيفة محددة، و(أدوات التطوير والتشغيل) وهي أدوات مساعدة على بناء التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي ونشرها، و(النماذج التوليدية) وهي نماذج تعلم آلة يمكن تكييفها مع حالات استخدام محددة لتحسين الأداء في مجالات معينة، و(البنية التحتية التقنية) وهي مكونات البنية التحتية التقنية التي يمكن استخدامها لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي وأدواته. ويتضمن بناء نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي عدة خطوات أساسية من أبرزها: تجهيز البيانات، وبناء النموذج، واختبار النموذج، ونشر النموذج، وتحسين النموذج، وتكمُن طريقة عمل النماذج عبر استخدم المدخلات التي قد تتلقاها من المستخدم لتوليد أنواع مختلفة من المخرجات، وهذه المدخلات يمكن أن تكون في شكل نصوص أو صور أو صوت أو حتى أشكال أخرى من البيانات. وتوجد عدة أنواع من المخرجات التي يمكن توليدها باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، ويمكن تصنيفها إلى: نصوص، وأكواد برمجية، وصور ثنائية أو ثلاثية الأبعاد، وأصوات، ومقاطع الفيديو. ويمكن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنجاز عدة مهام في مختلف المجالات، مثل: خدمة العملاء، والتسويق والتصميم والبرمجة، والخدمات المصرفية، والرعاية الصحية، والإعلام والترفيه، والعقارات، والطاقة، والزراعة وغيرها من المجالات، وتتميز هذه النماذج بقدرتها على الإبداع وتسريع سير الأعمال ورفع الإنتاجية، ويتوقع أن تؤثر حالات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في كثير من قطاعات الأعمال ويختلف حجم هذا التأثير من قطاع إلى آخر ومن وظيفة إلى أخرى. ولاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي فوائد عدة من أبرزها: زيادة الإنتاجية عبر تعزيز قدرات الموظفين في إنجاز المهام، وتحسين الخدمات بتوفير تجربة مستخدم محسنة ومخصصة حسب الخدمة، علاوة على رفع الكفاءة عبر أتمتة المهام والعمليات المتكررة في مختلف المجالات، وتقليل التكلفة بخفض تكلفة إنجاز الأعمال عن طريق الأتمتة أو تعزيز القدرات، وتعزيز الابتكار عبر توليد أفكار جديدة للمنتجات أو الخدمات. ولأهمية مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي فقد عملت (سدايا) بوصفها المرجع الوطني لكل ما يتعلق بالبيانات والذكاء الاصطناعي في المملكة على إنشاء مركز التميز للذكاء الاصطناعي التوليدي، وإطلاق مسرعة الذكاء الاصطناعي التوليدي (غاية) والتي تعد الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وإقامة منتديات وملتقيات الذكاء الاصطناعي التوليدي؛ لتعزيز المعرفة في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في عدد من المجالات المهمة، فضلاً عن إقامة هاكاثونات تنافسية، وإطلاق مجموعة من الإصدارات المعرفية في المجال. ويقوم مركز التميز للذكاء الاصطناعي التوليدي بالتعاون مع شركة إنفيديا (Nvidia) الأمريكية على بناء تطبيقات تخدم جميع القطاعات وأفراد المجتمع في المملكة، والابتكار في مجال أبحاث الذكاء الاصطناعي التوليدي، ومن أهم أهداف المركز تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في تطوير الخوارزميات والتطبيقات المختلفة للوسائط المكتوبة والمرئية والصوتية التي تدعم اللغة العربية.