الكتاب المعجزة الذي حوى ما تطيب به الحياة في جميع مجالاتها وجوانبها إنه القرآن الكريم المحفوظ من النقص والزيف واضح البيان قوي الحجة كلما قرأناه تطمئن قلوبنا وتهدأ نفوسنا وتصغر الدنيا في أعيننا فلا نتحسر على ما مضى ولا نتألم من خيبات الأمل. كلما تعمّقنا في تدبُّر القرآن ،ندرك أن لكل مجتهد نصيب وأن الأيام دواليك فالقدر تارة يسعدنا وتارة يحزننا ثم نصبر وندرب أنفسنا على التناسي حتى يأتي الفرج بما يفوق آمالنا. في القرآن آداب وقيّم وخطط للحياة السعيدة ومنهج عظيم للأخلاق الفاضلة الحميدة التي جاء بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). نعم مكارم الأخلاق التي نسعى جاهدين لنورّثها لأبنائنا ونبذل الجهود لنغرس في النشء مكارم الأخلاق التي بها تستقيم الحياة وتسعد الأمم والتي علمنا أسسها وطرائقها قرآننا الكريم ورسولنا المصطفى المختار سيد الأولين والآخرين وهو القدوة والنموذج الذي يجب أن يحتذى به عليه أفضل الصلاة والسلام. تعالوا معي لنتأمل منهجاً أخلاقياً يعدّ مدرسة بين الوالدين وأبنائهم وبناتهم يكون فيه الأب والأم كلاهما أو أحدهما المعلم والمربي. وابنهم أو إبنتهم الهدف الذي من أجله توضع الخطط والدراسات ليكون أو تكون فرداً صالحاً نافعاً لدينه ونفسه وأهله ووطنه. دعونا نتأمل مواعظ العبد الصالح الحكيم كما وصفه الله تعالى :(ولقد آتينا لقمان الحكمة أن أشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه) فمن أعلى مراتب الحكمة الشكر لله الذي يعود على المرء بالخيرات ومن تحلّى بالحمد الدائم لله ،سيدرك أن الوعظ سيكون مؤثراً: (وإذ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ *يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ* يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) . لو تمعّن الوالدان والمربون في هذه المواعظ وانتهجوا نهج لقمان حين وعظ ابنه بكل حنو ولين وتداركوا التقصير وتابعوا التطبيق والتنفيذ ووضعوا نصب أعينهم أنه يأتي باللين مالا يأتي بحدّ السيف وتذكّروا توجيه القرآن للرسول عليه الصلاة والسلام :(ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك) ،لو تمعّنوا هذه المواعظ ،لأسّس الآباء والأمهات والمعلمون علاقات ود ومحبة تجعل مواعظهم نافذة ومؤثرة.