نفس كل إنسان عبارة عن سفينة سائرة في بحر الإرادة الإلهية ترسو حيثما أراد الله لها أن تحط رحالها، فإذن هي خطى كتبت علينا، ومن كتبت عليه خطى مشاها. أسرتني اللغة العربية بجمالها وحلاوة ألفاظها ونحوها وصرفها وآدابها، فأحببتها وعشقتها، فبدأت حياتي العملية بالتدريس، تلك المهنة الحبيبة إلى نفسي، كانت أمتع سنوات عمري معها في الخرطوم، ثم قادتني خطى الأيام إلى مدينة جدة العزيزة على النفس، حيث كانت المقادير قد قررت توجيه بوصلة مسار حياتي إلى دنيا الصحافة، لأجد نفسي داخل أعرق المؤسسات الصحفية السعودية وأقدمها (البلاد). العمل بروح الأسرة الواحدة عُرْفٌ في (البلاد) تتوارثه الأجيال، وكان ذلك سبباً رئيسياً لبقائي في البلاد سنوات طويلة، عاصرت فيها عهود عدد من رؤساء مجالس الإدارات والمديرين العامين ورؤساء التحرير، وكوكبة مميزة من الزملاء الأعزاء. (البلاد) لم تكن بالنسبة لي مجرد مقر عمل، لقد كانت بيتاً وأسرة، تعيش فيه فتشعر بالألفة والسعادة، تغيب عنه فتشتاق إليه. والآن أرى أن خطى الأيام قد عاودها الحنين، مقررة أن تنتزعني من (البلاد) الحبيبة لأحمل عصا الترحال صوب جهة أخرى، سأرحل من البلاد وأحمل معي (الداتا) كاملة بذاكرة الأيام في (البلاد) الحافلة بذكرياتها الجميلة. كل الاحترام والتقدير لرئيس مجلس الإدارة الأستاذ خالد المعينا، والمدير العام الحبيب الأستاذ محمود أحمد، ورئيس التحرير الأستاذ حمد مطبقاني (أخي الأصغر) كما يحب أن أقول له. كل الحب لزملائي الأعزاء، كلكم في سويداء قلبي.