في كل بلدة بل في كل شبر من وطننا الغالي يكون هناك أشخاص وأعلام نبغوا في التاريخ والأدب والرواية ويكونون هم من معالم هذه البلدة التي لا تقل أهمية عن معالمها الجغرافية وهذا أمر معروف في تاريخنا المحلي. فمن بلد اشتهرت يؤرخ أو أديب أو شاعر أو قائد عسكري ويرتبط اسمه بتاريخ هذه البلدة ويفتخر أهل هذه البلدة بأن ثراهم أنجب هذا العلم. وفي بلدة الداخلة الغالية بإقليم سدير التاريخي تبرز قامة أدبية شعرية رزقها الله محبة القاصي والداني ألا وهو الشاعر متعدد الأغراض سليمان بن علي رحمه الله. وسليمان بن علي الذي عاش كامل حياته في القرن الهجري المنصرم يعتبر ذاكرة شعرية مهمة لأسماء أعلام وأخبار مواقع ليست في بلدة الداخلة فحسب بل في إقليم سدير من أقصاه إلى أقصاه. فمن يتأمل في الدراسة العلمية الجادة التي كتبها عنه الأستاذ القدير أحمد الدامغ - سلمه الله - في كتابه الذي يرصد شعراء وادي الفقي يجد أن شعر هذا الشاعر قد حوى مشاهد مهمة تعين الدارس والباحث في تاريخ هذه المنطقة المهمة. ولعل الدافع لكتابة هذه الأسطر هو تلك الجنازة المهيبة التي تمت قبل أيام قلائل لابن هذا الشاعر، وهو الشيخ مشاري ابن الشاعر سليمان عن عمر يناهز التسعين من العمر قضاها في سيرة حميدة وخصال مستقيمة. والعزاء في مثل هذه الأحوال أن الأسر العلمية تتوارث العلم والأدب كما يتوارث المال والصيت الطيب فها هو ذا حفيده زميلنا العزيز عبدالله بن مشاري إمام مسجد الداخلة يسير على خطى جده شعراً وأدباً وظرفاً. ولعل آخر مشاركاته ما أتحف به قراء الجزيرة في رسالته الشعرية اللطيفة والظريفة التي وجهها لزميلنا العزيز وأستاذنا القدير خالد بن حمد المالك رئيس تحرير هذه الصحيفة في العتب على تأخر وصول الجزيرة إليه حيث محل إقامته مسقط الرأس بلدة الداخلة فعبدالله هذا موسوعة تاريخية وعلمية وذاكرة حية لتاريخ الداخلة. وعلى الطريق العلمي والتاريخي نفسه ابن حفيده الأستاذ خالد بن عبدالله بن مشاري بن سليمان وهو المربي الفاضل إضافة إلى أنه الذي أتحف محبي التاريخ بحديث مفصل عن أسر بلدة الداخلة وأصولهم ونشر هذا البحث القيم في مجلة العرب في وقت سابق. كل هذه الأمور تؤكد بجلاء قول القائل عن هذه الأسر العلمية والأدبية وأنه لا يستغرب أن يخرج من صلب الأديب أديب آخر وشاعر آخر فها هو ذا الشاعر يقول: وهل ينبت الخطي إلا وشيجه وتغرس إلا في منابتها النخل وقبل أن يلقى القلم عصا التسيار في هذا المقال ها هي ذي وراق الجزيرة تطلب من الشيخ عبدالله وابنه الأستاذ خالد أن يتحفا الوراق بحديث مفصل عن داخلة سدير ومسجدها الشهير وآثارها العريقة من المدينة إلى الوضيمة.