حذرت منظمة الصحة العالمية من أن العالم يواجه أكبر تفشٍّ للكوليرا منذ 20 عاماً على الأقل، وسط تفاقم الأزمات الاقتصادية وأزمة تغير المناخ وعواقب وباء كورونا. وقال فيليب باربوزا، رئيس فريق مكافحة الكوليرا في منظمة الصحة العالمية: إن البيانات التاريخية غير المكتملة جعلت من الصعب مقارنة تفشي المرض هذا العام بالماضي البعيد، لكنها كانت الأكبر التي يشهدها العالم منذ عقدين. وأضاف: «عدد البلدان التي حدثت فيها هذه الفاشيات الكبيرة في نفس الوقت، لم نشهده منذ 20 عاماً على الأقل». ووفقاً لصحيفة «التلغراف» البريطانية، فقد انتشرت العدوى، التي تنقلها المياه والتي ارتبطت منذ فترة طويلة بالفقر وقلة النظافة وسوء الصرف الصحي، فيما لا يقل عن 30 دولة، بما في ذلك العديد من البلدان التي لم تشهد المرض منذ سنوات. ويعتقد الخبراء أنه، مع الأخذ في الاعتبار عدد تفشيات المرض وحجم كل تفشٍ، سنجد أن ما يحدث حاليا هو الأسوأ منذ عقود، مشيرين إلى أن ما يزيد هذه الأزمة سوءا هو أنها تأتي بعد أن أحرزت الكثير من البلدان تقدماً في الحد من الوفيات الناجمة عن العدوى. وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن الفيضانات الناجمة عن موسم العواصف في جنوب أفريقيا تهدد بمزيد من تفشي المرض، حتى مع تراجع حصيلة الحالات الأسبوعية في القارة. وقالت أرييل نيلاندر، كبيرة محللي السياسات في WaterAid، وهي مؤسسة خيرية للمياه النظيفة والنظافة ومقرها لندن، إنه بالإضافة إلى زيادة الفقر وصعوبة الوصول للمياه النظيفة والرعاية الصحية في الكثير من البلدان، فقد ساهمت العديد من الأزمات في تفشي الكوليرا. ولفتت إلى أن أشهر هذه الأزمات تفاقم أزمة النزوح والبنية التحتية المتداعية في مختلف البلدان والكوارث الطبيعية والصراعات. وأضافت نيلاندر: «لقد ركزت المؤسسات الصحية في مختلف أنحاء العالم في السنوات الثلاث الماضية على التصدي لوباء كورونا، وتم تعليق جهود الصحة العامة للوقاية من الكوليرا في الكثير من البلدان خلال هذه الفترة». وتابعت: «بالإضافة إلى ذلك، كان لفيروس كورونا تأثير مروع على الاقتصاد العالمي. لقد شهدنا ارتفاع في معدلات الفقر، الأمر الذي ساهم أيضاً في تفشي الكوليرا». وتكافح مالاوي أسوأ تفشٍّ بها منذ السبعينيات وشهدت 1564 حالة وفاة بحلول نهاية فبراير. وبدأ تفشي المرض في مالاوي بعد فيضانات تسببت فيها عاصفتان ضربتا البلاد في أوائل العام الماضي. ويضرب الآن موسم جديد من العواصف والفيضانات جنوب أفريقيا الأمر الذي قد يزيد من تفشي المرض. وفي موزمبيق، تشير التقارير إلى أن الحالات تتزايد بشكل كبير منذ ديسمبر (كانون الأول) 2022 وأن المرض ظهر في مناطق لم يظهر فيها منذ أكثر من خمس سنوات. ويتعامل لبنان مع أول تفش به منذ 30 عاماً بينما يعاني البلد من انهيار اقتصادي وصفه البنك الدولي بأنه أحد أسوأ حالات الانهيار في ال150 عاماً الماضية. وأعلنت سوريا العام الماضي عن ظهور الكوليرا لأول مرة منذ 15 عاماً، وازداد الوضع سوءاً بعد زلزال الشهر الماضي. والكوليرا هي عدوى تصيب الأمعاء بسبب بكتيريا ضمة الكوليرا ويمكن أن تسبب الإسهال الحاد. وفي أسوأ الحالات، يؤدي الفقد السريع لسوائل الجسم إلى الجفاف السريع والوفاة. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، إذا تم توفير العلاج المناسب في الوقت المناسب، لن يموت أكثر من واحد في المائة من الحالات. لكن في ملاوي، على سبيل المثال، كانت النسبة أكثر من ثلاثة في المائة. وأعاق نقص اللقاحات الفموية كلا من الوقاية والعلاج من الفاشيات. وطلبت مجموعة التنسيق الدولية لتوفير اللقاحات (ICG)، التي تشرف على المخزون العالمي من اللقاح، من البلدان في أكتوبر (تشرين الأول) إعطاء جرعة واحدة بدلاً من اثنتين عند معالجة حالات تفشي المرض. في غضون ذلك، لم تتم تلبية نداء أطلقته منظمة الصحة العالمية بالحصول على تمويل بقيمة 25 مليون دولار للتعامل مع الكوليرا.