اجمع خبراء اقتصاديون على أن الاقتصاد السعودي حقق في الآونة الأخيرة مؤشرات نمو متميزة، وذلك في ضوء المشروعات التنموية المشمولة ببرامج وخطط رؤية المملكة 2030، مما ساهم في وضعها على رأس دول مجموعة العشرين من حيث النمو المتوقع وفق تقرير صندوق النقد بنسبة 7.6 % فيما تجاوز الناتج الإجمالي الحقيقي في الربع الثاني مسجلا 11.8 %، فضلًا عن كونها الدولة الأكثر إيفاء بالتزاماتها المحلية والخارجية، حتى في فترة الأزمات. وأكدوا في تصريحات ل "البلاد" أن هذه الحقائق تعد مؤشرًا متجددًا على النجاحات التي تحققها النهضة الاقتصادية السعودية في كافة القطاعات. يقول الدكتور حسام الغايش الخبير الاقتصادي إن صندوق النقد الدولي يتوقَّع أن يحقق الاقتصاد نموا إجماليا يصل إلى 7.3 % في العام الجاري، و3.7 % في العام المقبل، مشيرًا إلى أن هذه التوقعات لها ما يدعمها على أرض الواقع بالفعل. ففي الربع الأولى من العام الحالي حقق الناتج المحلي الإجمالي ارتفاعًا ب9.6 %، حيث بلغ أعلى درجة له منذ 2011. وأضاف «الغايش» أنه في هذه الأثناء تتحدث المؤسسات الاقتصادية العالمية عن نمو متواضع في اقتصادات الدول المتقدمة بل إن بعض التحذيرات تشير إلى إمكانية دخول بعضها في حالة من الركود، ولا سيَّما في أعقاب التحولات الأخيرة في سياسات البنوك المركزية، نحو رفع الفائدة للسيطرة على الموجة التضخمية، أي أن سياسة التيسير الكمي انتهت في هذه الفترة الحرجة على الأقل. محركات النمو وأوضح الغايش أن النمو الذي حققه المملكة أتى من عدة محركات، تتصدرها الأنشطة النفطية التي شهدت ارتفاعًا، لكن أيضا مساهمة أنشطة القطاعات غير النفطية في المحافظة على نمو مرتفع في هذا التوقيت الحرج عالميًا وهذه النقطة تمثل محورًا رئيسًا، ليس فقط في ضمان نمو مستقر واضح ومتوازن، بل في تحقيق هدف التنوع الذي سعت له استراتيجية البناء الاقتصادي. وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الاقتصاد السعودي حقق نمو في 2021، العام الذي أتى بعد عام الجائحة بمعدل 3.2 %، في أسرع وتيرة له منذ ستة أعوام؛ حيث إن قاطرة النمو في المملكة تمضي قدمًا وبثبات، رغم كل العوامل الاقتصادية السلبية على الساحة العالمية. والنتائج والأرقام الإيجابية ترجمتها التصنيفات الدولية التي تؤكد أن توقعات النمو المستقبلية في السعودية من مستقرة إلى إيجابية، نتيجة تحسن نمو الناتج المحلي الإجمالي، وديناميكيات المالية العامة على المدى المتوسط. البيئة الاستثمارية من جهتها، أكَّدت دكتورة نهى سلامة خبير التطوير المؤسسي وإدارة المشروعات ، أن المملكة العربية السعودية تسير بخطى متلاحقة وثابتة نحو نمو اقتصادي كبير وملحوظ. فعلى الرغم من خفض المؤسسات المالية العالمية توقعاتها للأداء الاقتصادي العالمي عمومًا، إلا إنها شهدت للاقتصاد السعودي بتوقعات مرتفعة للنمو وذلك للعديد من الأسباب التي من أهمها زيادة أسعار النفط عالميًا، الأمر الذي يؤدي إلى تحسن المالية العامة بالمملكة ليس فقط على مدار العام الحالي بل يمكن أن يكون ذلك لعدد من الأعوام المقبلة. وقالت: إن هذا التحسُّن يأتي إلى جانب النمو الكبير في قطاع الاقتصاد غير النفطي، والذي اهتمت به المملكة اهتمامًا بالغًا في السنوات القليلة الأخيرة ضمن أجندتها للتنمية 2030، حيث سعت لتنوع الاقتصاد وعدم الاعتماد علي النفط فقط، ولقد شهد وفقًا لذلك الاقتصاد السعودي مؤخرا نُمُوًّا كبيرا على مستوى عدد كبير من القطاعات واستغلال الموارد الطبيعية، إلى جانب الإصلاحات الهيكلية الكبيرة التي قامت بها على الجانب الاقتصادي والمالي، وتحسين البيئة الاستثمارية وزيادة جاذبيتها للمستثمرين المحليين والأجانب، وتمكين القطاع الخاص في دعم هذا التنويع الاقتصادي المستهدف. وتابعت دكتورة نهى سلامة: هذا بالإضافة إلى وجود صندوق الاستثمارات العامة والذي يصنع ويوفر صفات استثمارية جيدة سواء داخل المملكة أو خارجها، الأمر الذي عزز من رفع معدلات النمو الاقتصادي بالمملكة وأدى إلى الحفاظ على الاستقرار والاستدامة المالية، وقد توقعت كافة المؤسسات المالية العالمية وفقا لهذا نمو كبير للاقتصاد السعودي، كما توقع صندوق النقد الدولي أن يكون الاقتصاد السعودي الأعلى نموًا في مجموعة العشرين. نمو قياسي من جانبه، صرح الدكتور علي عباس الخبير الاقتصادي، أن مؤشرات النمو في السعودية تخالف التقديرات اسابقة حيث توقعت وزارة المالية السعودية نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 7.4 %، مدفوعًا بارتفاع في الناتج المحلي الإجمالي النفطي، إضافة إلى التحسن المتوقع في الناتج المحلي غير النفطي بافتراض استمرار التعافي التدريجي من آثار جائحة كورونا، وتوقعت وزارة المالية السعودية، أن تبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة 3.162 تريليون ريال في عام 2022، مقابل 3.102 تريليون ريال في 2021، ومقابل 2.625 تريليونا ريال في 2020. وأكَّد الخبير الاقتصادي أنه في ضوء ذلك سارعت المؤسسات الدولية إلى رفع توقعاتها لأداء الاقتصاد السعودي في ظل التعافي من جائحة كورونا ونجاح الحكومة في ضبط الميزانية العامة ضمن برامج «رؤية 2030»، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط، ورفع البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي خلال العام الجاري إلى 7 %، مقارنة ب4.9 % في توقعات البنك خلال يناير الماضي، كما رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو السعودي إلى 7.6 في المائة، مقارنة ب4.4 % في يناير الماضي. ويرى أنه وفقًا لما سبق، فإن النمو الحقيقي المذكور وفقا للتقديرات السريعة للربع الثاني من العام الحالي الصادرة عن هيئة الإحصاء وهو 11.8 % سيكون أعلى نمو اقتصادي خلال 11 عاما عندما نما الناتج المحلي الإجمالي 10 %. كما يعد النمو المتوقع في 2022 هو ثاني أعلى نمو للاقتصاد السعودي خلال 18 عامًا، أي منذ النمو البالغ 8 في المائة في 2004 ، وسيكون الأعلى بين دول العشرين الأكبر اقتصادا في العالم.