بلغت الأزمة الإخوانية مداها، واقتربت من مرحلة "قاصمة الظهر"، فكل طرف يسعى لتوجيه الضربة القاضية للآخر للسيطرة على مقاليد الأمور داخل التنظيم الإرهابي، وبالتالي سيؤول التنظيم إلى ضعف، ومن ثم إلى زوال، فالانشقاقات داخل الجماعة قد تقضي عليها بشكل نهائي، أو تحسم الأمور داخلها لصالح إحدى الجبهتين المتنازعتين، وهما جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير، وإسطنبول بقيادة محمود حسين، ولا تزال التداعيات مستمرة. وظهر جليا بعد إصدار مكتب الإرشاد العالمي قرارا يقضي بتأييد شرعية إبراهيم منير قائد جبهة لندن، أن التراشق لن يتوقف، إذ ردت إسطنبول بقيادة محمود حسين بأن ما حدث من اجتماع باطل، ولا يترتب عليه أي آثار، مشددة على تمسكها بعزل منير من منصبه، معتبرة أنه معزول ولا شرعية له، لافتة في الوقت ذاته إلى أن هناك معلومات مغلوطة ومجتزأة من سياقها تحاول دعم بعض المواقف على خلاف الحقيقة، عبر إضفاء الشرعية على واقع متهافت لا يرتكن إلى أي مصداقية. وأكدت أن جبهة منير ارتكبت مخالفات واضحة تمسّ أعرافها وقيمها وأدبياتها ومخالفتها الواضحة للوائحها ونظمها الداخلية. وزعمت جبهة حسن أن لا قرار من المكتب العالمي يدعم موقف منير، مشيرة إلى أن محاولة البعض إضفاء صفة رسمية على بعض الجلسات التي تتم بين عدد من عناصر الجماعة غير المختصين وفي غير اجتماعات رسمية نوع من الخلط ومحاولة لفرض واقع مخالف للحقيقة، ما ينبئ بأن الصراع بلغ أشده بين الطرفين، وأنه سيؤدي ما هو أشد فتكا بالجماعة. وعقد مكتب الإرشاد العالمي في لندن مؤخرا اجتماعات عدة بحضور قيادات الصف الأول للجماعة، بينما حاول الأمين العام السابق للجماعة وقائد جبهة إسطنبول محمود حسين، المشاركة في الاجتماعات بصفته عضواً في مكتب إرشاد مصر، إلا أنه مُنع بعدما رفض إعلان البيعة لقائد جبهة لندن إبراهيم منير. وشدد المكتب على أن منير هو القائم بأعمال المرشد والنائب عنه، ما يوجب البيعة له وفقاً لأدبيات الجماعة التنظيمية، إلا أن حسين رفض، فأصدر المكتب بياناً سمّى فيه منير قائماً بعمله ونائباً عنه في الداخل والخارج وأمر بالالتزام بإعطاء البيعة وفقاً لذلك. وأعلنت جبهة حسين بعد ذلك مباشرة عزمها عقد اجتماع لمجلس الشورى لتنصيب حسين قائماً بعمل المرشد، مؤكدة أنه حاز على دعم محمد بديع مرشد الجماعة وخيرت الشاطر نائب المرشد المتواجدين في السجون المصرية، معتبرة أن المكتب العالمي ما هو إلا إطار تنسيقي ولا يخول له وفقا للائحته التدخل في شؤون تنظيمات الأقطار الداخلية، كما لا يملك صلاحية التدخل في قرار صدر عن مؤسسة شورية في أحد الأقطار، منوهة إلى أن أكثر من نصف أعضاء المكتب ينضوون تحت مكتب الإرشاد المصري وهو ما لم يتوفر في اللقاء المزعوم، بل لم يحضره عضو مكتب الإرشاد الوحيد خارج مصر ولا العضو البديل المعتمد. وأشارت إلى أن مجلس الشورى العام للقطر المصري بالداخل والخارج هو السلطة العليا في الجماعة ولا يجوز لأحد مخالفة قراراته طالما كانت مؤسسية، وأن أي خلاف مرده إلى المؤسسات الشورية التي تضع الأمور في نصابها. من جهة ثانية، اعتبر المشاركون في مؤتمر "التطرف الديني.. المنطلقات الفكرية واستراتيجيات المواجهة"، الذي ينظمه مركز سلام لدراسات التطرف، أن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية أكبر المتاجرين بالإسلام منذ نشأتها حتى الآن، حيث تاجرت بقضية الخلافة كفريضة غائبة رغم أنها ليست دينية، مطالبين بتفنيد مزاعم الجماعة الإرهابية، التي تخدع بها العوام والبسطاء مستغلة في ذلك الأمية الدينية والظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها بعض مجتمعاتنا العربية والإسلامية، كما حذروا من خطورة تصاعد الصراع المذهبي في عالمنا العربي والإسلامي، بما يخدم مصالح أعداء العرب والمسلمين.