– أحمد الأحمدي، مها العواودة، إيمان بدوي، مرعي عسيري تشهد المملكة منجزات تشريعية متقدمة سبق وأعلن عنها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مؤكدا مقاصدها العظيمة في حفظ الحقوق وترسيخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان، من خلال مرجعيات مؤسسية إجرائية وموضوعية واضحة ومحددة، حيث صدر "نظام الإثبات" ثم "نظام الأحوال الشخصية"، وسيعقبهما تباعا "مشروع نظام المعاملات المدنية"، و"مشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية"، الجاري استكمال دراستهما ومراجعتها وفق الأصول التشريعية، ما يؤكد التطور التشريعي في المملكة، تأكيدا للحرص الدائم من القيادة الرشيدة -حفظها الله- على ضمان حقوق المواطنين والمقيمين بأعلى المعايير، وتعزيز تنافسية المملكة عالمياً في الشأن الحقوقي بأنصع معانيه ومقاصده وتطبيقاته العدلية للجميع. وقال مدير مركز الرافدين لحقوق الإنسان بجنيف الدكتور الحقوقي راهب صالح، إن جهود القيادة الحكيمة للمملكة تصب في صالح تأمين مستقبل مستدام للجميع، فالإجراءات التشريعية التي اتخذت مؤخرا جعلت السعودية تسير في الاتجاه الصحيح لتطوير البيئة التشريعية من خلال استحداث وإصلاح الأنظمة التي تحفظ الحقوق وتُرسِّخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان وتحقّق التنمية الشاملة، وتعزّز تنافسية المملكة عالمياً من خلال مرجعيات مؤسسية إجرائية وموضوعية واضحة، مشيرا إلى أن مشاريع: نظام الأحوال الشخصية، نظام المعاملات المدنية، النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ونظام الإثبات عزّزت الثقة في تحقيق أهداف الرؤية للقيادة الحكيمة والشابة على النحو المأمول والمطلوب في تطوير البنية التحتية التمكينية وبناء الهياكل المؤسسية والتشريعية ووضع السياسات العامة وتمكين المبادرات فيما سيكون تركيزها في مرحلتها التالية على متابعة التنفيذ ودفع عجلة. ولفت الدكتور راهب صالح، إلى أن سمو ولي العهد رسم طموحات كبرى تسعى لإعطاء السعودية وجها مختلفة تماما عما ألفه العالم، وانتهج الأمير الشاب سياسة تُرسِّخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان، مؤكدا أن المملكة شهدت تحولاتٍ متسارعةٍ ونقلاتٍ كبرى في مجال حقوق الإنسان، حيث شملت تلك الإصلاحات والتطورات مجالات القضاء والعدالة الجنائية والمساواة وعدم التمييز والحماية الأسرية ومكافحة الإتجار بالأشخاص، والرعاية الصحية والحق في التعليم، والحق في المشاركة الثقافية والرياضية والترفيهية، كما عملت على تمكين المرأة وحماية الطفل وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورعاية كبار السن وتحسين العلاقة التعاقدية للعمالة غير السعودية. ويرى صالح أن هذا الفكر المستنير دينيا وثقافيا سينعكس على الساحة العربية عامة بدحض الأفكار البالية والدخول لعالم جديد متطور فكريا وثقافيا يعترف بحقوق الفرد الذكر والأنثى على حد سواء و يُؤْمِن بدور المرأة الفعّال ويتبنى الوسطية الدينية. وتابع: "في لحظة تاريخية مجيدة وحاسمة في تاريخ أمتنا العربية قيض الله لشعب المملكة الأبي شابا طموحا متدفقا حماسة وإبداعا يمتلك طاقة جبارة وقدرة هائلة على العطاء والإبداع والتحليق في آفاق الأحلام والطموحات". تعزيز حقوق الإنسان أكد رئيس المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان بجنيف أيمن نصري، أن المملكة تلتزم بمواصلة جهودها لتعزيز وحماية حقوق الإنسان مع حرصها الدائم على التعاون مع برامج وهيئات التابعة للأمم المتحدةالأممالمتحدة، خاصة المجلس الدولي لحقوق الإنسان والمفوضية السامية من أجل العمل على تعزيز الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بما يتناسب ويتوافق مع العادات والتقاليد السعودية والوضع الاجتماعي للمواطن ودون الخروج عن الأعراف الدينية. وأشار إلى أن المملكة شهدت تطورا كبيرا بمجال حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة وتمكينها مؤخرا سياسيا واجتماعيًا، وهذا هو السبب الرئيسي لحصول السعودية على إشادة من معظم الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان، منوها إلى أن أنظمة المملكة ومؤسستها تتضافر لتشكل إطارا قانونيا ومؤسسيا يعزز حقوق الإنسان ويحميها مثل الحق في الأمن والصحة والعمل وحقوق المرأة والطفل وذوي الإعاقة. وأضاف: "بشكل عام هناك استحسان كبير لما تقدمه المملكة من مردود إيجابي على صعيد المجهودات التي تبذلها المملكة للتحسين المستمر لحالة حقوق الإنسان وتعزيز الحقوق الاجتماعية وهو أمر تلمسه معظم الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان". وقال نصري إن المملكة عرضت رؤية شاملة للملف الحقوقي بشكل عام من خلال آلية العرض الدوري الشامل والتي شارك فيها الدول الأعضاء ال47 بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان في نوفمبر 2018 وتضمن عرضا مفصلا لرؤية 2030 من خلال خطة عمل طويلة المدى راعت البعد الاجتماعي والثقافي والديني اعتمدت في تنفيذها على 12 برنامجا لتنفيذ الرؤية وقد حازت على احترام الجميع ورأت بعض الدول المملكة نموذج يمكن الاحتذاء به واستخدامه للدول التي تسعي لتعزيز مكانتها عالميا من خلال تمكين المرأة وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية. وأوضح نصري أن السعودية خطت خطوات واسعة وكبيرة لتعزيز أوضاع حقوق الإنسان في فترة زمنية قصيرة، ما يعتبر قفزة حقوقية من شأنها تعزيز ثقافة الدولة المدنية دون البعد عن مبادئ الشريعة الإسلامية وهو الأمر الذي جعل المملكة في مصاف الدول التي تحترم حقوق الإنسان، وتنال إشادة الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان. تشريعات تحقق المساواة يرى المستشار القانوني والمحامي فيصل غربي، أن الأنظمة والتشريعات بالمملكة في تطور وتحديث مستمرين مع مستجدات العصر، مؤكدا أن ما صدر من تشريعات عدلية إنجاز وطني يدعو للفخر ويقفز بالمملكة إلى أعلى مستويات تحقيق المساواة وإقامة العدل في جميع الأصعدة. وقال إن الأنظمة التشريعية الجديدة تحقق سرعة الفصل في القضايا والحد من التفاوت في الأحكام القضائية ورفع مستوى النزاهة وزيادة موثوقية الإجراءات واليات الرقابة عليها. وفي السياق ذاته، قال القانوني والمحامي الشرعي البراء بن ممدوح الغربي، إن التطوير الذي شهدته البيئة التشريعية بالمملكة يمثل منعطفا مهما في استحداث وإصلاح الأنظمة، مبينا أن التشريعات العدلية جاءت متسقة تماما مع آخر التطورات والتطبيقات القانونية والممارسات الدولية الحديثة في القضاء بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، ما يعزز العدالة ويضمن الحقوق، والقضاء على الاختلافات، والحد من أسباب المنازعات، وتعزيز سرعة الفصل فيها، مع تعزيز القدرة على التنبؤ بالأحكام. واستطرد قائلا: "التشريعات الجديدة رسخت الجانب الجزائي لمبدأ العقوبة الشخصية، ولا جريمة ولا عقوبة تعزيرية إلا بناء على نص نظامي، ورفعت من كفاءة الجهات المختصة بضبط الجريمة، والنيابة العامة، والمحاكم لمستويات أعلى. ومن هذا المنطلق فإن منظومة التشريعات الجديدة هي خطوة جبارة وإيجابية بجميع المقاييس، تعزز الأمن الاجتماعي والتعاملات المالية المحلية وتحفظت حقوق الأفراد، وتعلي من شأن العدالة الاجتماعية، كما تؤسس لمنظومة تشريعية متكاملة ونموذجية، ليس فيها ثغرات قد يستغلها البعض لصالحهم على حساب الآخرين كما أنها تعمل على تعزيز تنافسية المملكة عالميا من خلال مرجعيات مؤسسية إجرائية وموضوعية واضحة ومحددة بما لا يتعارض مع الأحكام الشرعية ويراعي التزاماتها بالمواثيق والاتفاقيات الدولية". وتابع: "كل هذه المؤشرات تؤكد أن سمو ولي العهد -حفظه الله- يقود المملكة إلى آفاق بعيدة بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وكأنه يصنع مستقبلنا للخمسين سنة القادمة بكل وعي وإيمان ورؤى مدركة لاحتياجات المواطن وتحديات المرحلة". حفظ حقوق الناس اعتبرت القانونية والمحكم التجاري الشرعي رباب أحمد معبي، أن قيادة المملكة تهتم كثيرا بحفظ حقوق الناس لذلك تشهد منظومة القضاء إنجازات غير مسبوقة بسن تشريعات حديثة مواكبة لرؤية الوطن وإرساء وتحقيق حقوق الإنسان ومنها (نظام الأحوال الشخصية، نظام المعاملات المدنية، النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ونظام الإثبات)، والتي ستُسهم بكفاءة أداء الأجهزة العدلية، بتوحيد الإجراءات القضائية وتفعيل الخدمات الإلكترونية التكاملية لمواكبة التحول الرقمي الذي يشهده مرفق القضاء بهدف تحقيق التميز في الخدمات وتعزيز الكفاءة والفعالية بما يخدم المواطن والمقيم. ومضت قائلة: "على صعيد تمكين المرأة صدرت العديد من القرارات التي عززت حقها والتي تعد الأولى في تاريخ وزارة العدل فقد تم طرح فرص عمل للمرأة لشغل وظائف كتاب العدل وأصبح من حق الحاضنة السفر بالمحضون دون حاجة لتعديل صكوك الحضانة القديمة، ودعمت التعديلات في الإجمال حق الحضانة للأم بشكل غير مسبوق، كما حسم المجلس الأعلى للقضاء أحقية الأم بإثبات حضانة أبنائها من دون حاجتها إلى رفع دعوى قضائية في محاكم الأحوال الشخصية، في الحالات التي يثبت عدم وجود خصومة أو نزاع بينها وبين والد المحضونين، فغدت بذلك الحضانة تلقائية للمرأة إلا في حالات استثنائية، ما وفر على المحضون الكثير من المتاعب الاجتماعية ومنحت المرأة الحاضنة حق الولاية على المحضون، ما يهيئ لها مراجعة الأحوال المدنية والجوازات والسفارات وإدارات التعليم والمدارس، وإنهاء ما يخص المحضون من إجراءات لدى جميع الدوائر والجهات الحكومية والأهلية، الاهتمام بمساعدة الأسر بافتتاح مكاتب المصالحة والتحكيم، والتي تدعم القضايا بالحلول الودية بين الطرفين، إذ إن كثيرا من القضايا تنتهي بشكل رسمي في مكاتب المصالحة من دون الحاجة للترافع أمام الدوائر القضائية، وتعد محاضر الصلح سندات تنفيذية ملزمة لكلا الطرفين. وأكد المحامي والمستشار القانوني خالد أبو راشد، أن هناك تطورا كبيرا في المنظومة القضائية والتشريعية، بما يواكب الحاضر سواء من خلال تحديث التشريعات الموجودة أو إصدار تشريعات جديدة وهذا ما نعيشه اليوم، كما لا يخفى علينا التقدم الملحوظ في التقاضي عبر "الأون لاين"، وهذه نقلة نوعية كبيرة تضاهي ما يحدث في العالم من تطور باستخدام التقنية في المنظومة القضائية. تسارع منظم ومتقن أشار المحامي والمستشار عبد العزيز فؤاد عسيري، إلى أن النظم التشريعية بالمملكة تمضي بتسارع منظم ومتقن ضمن دستور الحكم المستمد من الشريعة الإسلامية، وكمثال لذلك قانون الأحوال الشخصية، الذي روعي في إعداده أحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، ومواكبة مستجدات الواقع ومتغيراته، ما سيسهم في الحفاظ على الأسرة واستقرارها بوصفها المكون الأساسي للمجتمع، وسيعمل على تحسين وضع الأسرة والطفل، وضبط السلطة التقديرية للقاضي للحد من تباين الأحكام القضائية في هذا الشأن. وأضاف: "النظام جاء شاملاً في معالجة جميع المشكلات التي كانت تعاني منها الأسرة والمرأة، ومنظماً لمسائل الأحوال الشخصية تنظيماً دقيقاً بتفاصيلها كافة. لقد عكست منظومة التشريعات المتخصصة الجديدة لنظام الأحوال الشخصية، ملامح مشروع السعودية لتحديث بنيتها التنظيمية والتشريعية، بما يتماشى مع الآفاق التي تتجه نحو رؤية المملكة 2030 وتطوير الإجراءات المتعلقة برفع كفاءة الأنظمة وتمكين الحقوق وتحسين جودة الحياة وتعزيز النزاهة والارتقاء بالخدمات وحماية حقوق الإنسان". بدوره يرى المحامي فارس العاصمي، أن أهمية نظام الأحوال الشخصية تنبع من قيمة الأسرة في بنية المجتمع السعودي، وإن رعايتها والاهتمام بإيضاح حقوق وواجبات أفرادها سينعكس على تحصين المجتمع ضد الأخطار التي يمكن أن تنشأ، مبينا أن النظام يهدف إلى ضبط السلطة التقديرية للقضاء، والحد من الاختلاف في الأحكام، إضافةً إلى تسريع الفصل في المنازعات الأسرية، وتأطير العلاقات بين أفراد الأسرة وحماية حقوقهم، خصوصاً حقوق الطفل والمرأة. إلى ذلك، قالت التربوية والإعلامية الكاتبة نور سعيد آل قيس، إن النظام يمنح المرأة حقوقها كاملة غير منقوصة ما ينهي مشكلات عديدة كانت تتعرض لها خاصة في حالة استحالة العشرة مع الزوج الذي قد يكون لديه صفات لا يمكن للزوجة تحملها.