بينما يترقب العالم جولة جديدة من المفاوضات بين روسيا وأكرانيا اليوم (الثلاثاء)، لتخفيف حدة التوتر ووقف القتال المستمر منذ الشهر الماضي، قال مسؤول أوكراني كبير إنه لا يتوقع حدوث انفراجة كبيرة، فيما أبدى مسؤولين روس تشاؤمهم من نتائج المفاوضات. وقال مستشار وزارة الداخلية الأوكراني فاديم دينيسينكو أمس (الاثنين): "لا أعتقد أنه ستكون هناك أية انفراجة بشأن القضايا الرئيسية خلال الجلسة المقبلة"، في وقت قلل الكرملين من التوقعات أيضاً، إذ يرى المتحدث باسمه دميتري بيسكوف أن البلدين لم يحرزا حتى الآن أي تقدم كبير في مفاوضاتهما السابقة. وقال: "حتى الآن، لا يمكننا ملاحظة أي تقدم كبير لا سابقا ولا متوقعاً"، مرجحا أن تستهل المحادثات اليوم. وطالبت كييف بضمانات أمنية ملزمة قانونا من مجموعة من الحلفاء توفر للبلد الحماية في حالة وقوع أي هجوم روسي في المستقبل، فقد أكد زيلينسكي مساء أن من النقاط الرئيسية في المفاوضات "الضمانات الأمنية والحياد والوضع الخالي من الأسلحة النووية لأوكرانيا". وتتمسك موسكو ب"حياد" الجارة الغربية، ونزع سلاحها النووي أو الذي يشكل تهديدا لها، فضلا عن عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، تواصل كييف المطالبة بسيادتها على أراضيها، وبضمانات أمنية تحول دون وقوع نزاع أو هجوم روسي في المستقبل. وفي خضم الحرب الكلامية المتصاعدة بين البلدين، وجه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف انتقادات لاذعة إلى واشنطن، معتبرا أن الإدارة الأمريكية التي تنظّر من أجل نشر الديمقراطية في العالم، تنتهج مع الدول الأخرى نهجا ديكتاتوريا، محاولة فرض قيمها وثقافتها، مضيفا أنها "أعطت الضوء الأخضر لدول البلقان من أجل مناوئة موسكو". كما انتقد بقوة السياسة الغربية الأوروبية ضد بلاده، وقال في مؤتمر صحفي أمس إن المشاعر المعادية لروسيا موجودة في دول الغرب منذ سنوات طويلة. وأضاف أن هناك ضغوطا على بلاده بهدف عزلها وسلب استقلالها، لكنه شدد على أن لموسكو أصدقاء كثر حول العالم. ويرى لافروف أن هناك نزعة مناوئة لكل ما هو روسي في الدول الأوروبية، مؤكدا أن بلاده معتادة على مواجهة العقوبات، وإن كانت تلك الموجة غير مسبوقة في تاريخ الدول والأمم المتحدة. وأضاف أن "الغرب اعتاد فرض عقوبات على موسكو بذرائع مختلفة"، مضيفاً أن بلاده تعرضت لاتهامات باطلة لسنوات طويلة. أما في ما يتعلق بالعلاقات مع الصين، فأكد أنها في أقوى مستوياتها على الإطلاق. وأعلن لافروف أن بلاده تحضّر مرسومًا لفرض قيود على دخول المتحدّرين من دول قامت بأفعال "غير صديقة" إلى الأراضي الروسية، وسط موجة من العقوبات على موسكو منذ بداية عمليتها العسكرية في أوكرانيا، مشيرا إلى أن السطات الروسية "تعد مسودة مرسوم رئاسي لإدخال إجراءات انتقامية تتعلق بالتأشيرات، مرتبطة بالإجراءات غير الصديقة التي تقوم بها عدة حكومات أجنبية"، لافتا إلى أن هذا المشروع قدم "سلسلة كاملة من القيود" لدخول روسيا، ولكنه لم يحدد الدول المُستهدفة. من جهتها، رفضت الصين التكهنات والاتهامات التي سيقت ضدها حول محاولتها الالتفاف على العقوبات الدولية ضد موسكو، مشيرة إلى أن العقوبات أضرت بالعلاقات التجارية الطبيعية مع شريكها الرئيسي، فبعد وقوفها إلى جانب روسيا دون تأييدها التام للعملية العسكرية التي أطلقتها في أوكرانيا، وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين، أن بلاده ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية ما تعتبره حقوقها ومصالحها المشروعة. وقال وانغ في إفادة صحافية في بكين إن "المشكلة ليست في أن هناك من يساعد روسيا في الالتفاف على العقوبات، وأنما في تعرض الدول التي لها علاقات تجارية واقتصادية منتظمة معها، والصين من بينها، لأضرار لا مبرر لها". إلى ذلك، قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابك، أمس، إن مجموعة السبع ترفض مطلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الدفع بالروبل لشراء الطاقة الروسية، مشيرا إلى أن دول مجموعة السبع تصر على أنه يجب احترام عقود الطاقة مع روسيا، كما اعتبر أن مطالبة روسيا بدفع ثمن الغاز بالروبل تظهر أن بوتين في "مأزق". وكان هابك قال في وقت سابق إن مطلب الرئيس الروسي يعد خرقا لعقود التسليم. كما اعتبر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن مطالبة نظيره الروسي بدفع ثمن شحنات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي بالروبل وليس بالدولار أو اليورو، أمر "غير ممكن" و"لا تنص عليه العقود". وذكرت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء، أمس، أن بوتين أوعز للحكومة والبنك المركزي وشركة غازبروم، باتخاذ إجراءات لتغيير عملة الدفع مقابل الغاز إلى الروبل للدول "غير الصديقة" بحلول 31 مارس الجاري. وتأتي 70 % من إيرادات النفط والغاز الروسيين من دول تم تصنيفها "غير صديقة". ووفقا ل "غازبروم"، فإن تسوية 58 % من مبيعات الغاز الطبيعي تتم باليورو، و39 % تتم بالدولار.