على ضوء معضلة أمن الطاقة في شتاء أوروبا ، في ظل مهددات إمدادات النفط والغاز الروسي، واكتساب روسيا نفوذًا كبيرًا داخل أوروبا، والبيان المشترك الصادر عن الرئيس الأمريكي بايدن ، ورئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين"، 29 يناير 2022؛ تسعي واشنطن والاتحاد الأوروبي؛ لضمان توفر إمدادات كافية من الغاز الطبيعي لأوروبا، على خلفية أزمة الغرب مع روسيا بشأن أوكرانيا. ومن ناحية أخرى، لم يلزم البيان أي من الطرفين باتخاذ خطوات ملموسة لتقليل اعتماد أوروبا على إمدادات الغاز الروسي بصفة عامة. تعد إمدادات الغاز عبر المحيط الأطلسي، ركيزة أساسية لأمن الطاقة في أوروبا، وبتأكيد مبادرة روما لمجموعة السبع لأمن الطاقة، على ضرورة تعزيز أمن الطاقة والنمو الاقتصادي من خلال التنمية المستدامة لموارد النفط والغاز الطبيعي. وعليه هناك عدة اقتراحات من شأنها تعزيز جهود الولاياتالمتحدة وأوروبا؛ لاتخاذ خطوات فعالة لضمان أمن الطاقة عبر المحيط الأطلسي، وتقليل الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي، وتتمثل تلك الخُطوات في ضرورة إقرار "بايدن" بمحورية دور الغاز في عملية تحول الطاقة بالولاياتالمتحدة وأوروبا وآسيا وباقي مناطق العالم، وتدرك واشنطن أنّ تصدير الغاز الأمريكي يصب في مصلحة الأمن القومي، ويعزز أمن الطاقة العالمي، وذلك من خلال توجُّه الولاياتالمتحدة لتوريد الغاز إلى السوق العالمية، للحيلولة دون تحكم روسيا في أسعار وإمدادات الغاز. اتصالًا، يتعين على الإدارة الأمريكية تشجيع وزارة الطاقة الأمريكية للموافقة على جميع طلبات تصدير الغاز الطبيعي المسال الجديد، وهو ما يثبت التزام "واشنطن" بضمان توفير مصادر الطاقة للأسواق العالمية. هذا إلى جانب تعزيز واشنطن لأفق التعاون مع كلٍ من أوروبا وآسيا، لوضع المعايير الخاصة بقياس "البصمة الكربونية" للغاز، وتشجيع المنافسة بين الموردين العالميين، بما يتوافق مع التوجهات العالمية لمواجهة التغير المناخي، مع تأكيد توفير الصادرات من الغاز الطبيعي حتى للدول التي لا ترتبط باتفاقية تجارة حرة مع واشنطن، بما يعزز القوة الجيوسياسية للولايات المتحدة كمورد عالمي للغاز الطبيعي. في هذه المعادلة ، يتين على قادة دول الاتحاد الأوروبي الاعتراف بدور الغاز في تحقيق الالتزامات المناخية وفق "حزمة فيت فور 55" والمتمثلة في خفض صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 55% على الأقل بحلول 2030 ، وفي هذا الصدد، يتعين على أوروبا الإسراع في تنفيذ خطتها لتنمية قدرتها على تخزين الغاز، وتحسين البنية التحتية لنقل الغاز بين الدول المختلفة، مع إنشاء آلية استجابة منسقة خاصة بها في حالات الطوارئ. وختامًا، يرى المراقبون في الغرب ضرورة تنحية الخلافات السياسية بين واشنطن وأوروبا جانبًا، مع التركيز على مواجهة التهديدات المشتركة من وجهة نظرهم ؛ لا سيما في ضوء ما يواجه الاقتصاد العالمي من تحديات تهدد أمن الطاقة العالمي من الغاز، وفي ضوء ذلك يتعين على التحالف عبر الأطلسي إعطاء الأولوية لتحقيق الأهداف المشتركة لأمن الطاقة ، وبالتالي يتعين على واشنطن مواصلة جهودها لتوجيه إمدادات الغاز إلى أوروبا لتلبية الطلب.