البلاد مها العواودة رانيا الوجية هي حالات محدودة انتشرت وسط مجاميع من النسوة يحتفلن ابتهاجا وسرورا بفك الارتباط الزوجي، إذ تعمل الواحدة على إرسال بطاقات الدعوة لصديقاتها وقريباتها في إشارة إلى أن قرار الطلاق لم يشكل لها أية حالة أسى أو غضب بل فرح ممتد وسعادة غامرة. "البلاد" توغلت إلى هذا الملف واستمعت إلى آراء بعض النساء، فتقول "ش، م" مستنكرة هذا التوجه الغريب إن حفلات الطلاق لا تمت للرقي والأخلاق بصفة، وتعكس طبيعة الشخص ومدى وعيه وثقافته، فمهما كانت الأسباب فالقضية هنا "طلاق " وهو أبغض الحلال عند الله، فكيف نحتفل به ونبتهج.. هذا أمر غريب وسيئ ويجب تصحيح هذا السلوك غير السليم. وتتفق نوره مع الرأي السابق وتضيف أن الاحتفال بالطلاق عادة غربية ولكنها استعربت، والغريب أن تحتفل أم بتفكك أسرتها وتشريد أطفالها، هولاء النسوة في حاجة إلى علاج نفسي، ثم تضيف لا أؤيد إقامة مثل تلك الحفلات في البلاد العربية والإسلامية وأرى بأن من يحتفل بطلاقه شخص لديه مشكلة في عقله ويستخف بالقضايا العظيمة التي تحدث في الحياة". وفي السياق نفسه وأكد مختصون أن فى حياة الإنسان سلسلة من الاحتفالات الإيجابية التي يُسعد بها، احتفالات تسُر القلب، وتضفي عليه السعادة، وتُلطف المزاج المُعكّر، وتتقبل فيها الهدايا والعبارات الجميلة. احتفالات لها مسميات كثيرة: حفلة زواج، حفلة تخرج، حفلة استقبال مولود، حفلة خطوبة، حفلة قدوم طالب أو طالبة من الخارج، حفلة عيد ميلاد، حفلة يوم زواج، حفلة عشاء وشواء، حفلة وداع، حفلة شراء بيت جديد، والكثير من الاحتفالات، لكن هناك نوع جديد، لم أسمع به إلا حديثا، وهو حفلة طلاق، فهل الطلاق والانفصال بين الزوجين يحتفل به؟، وهل صحيح أن حفلة الطلاق تعيد الثقة بالنفس للمطلقة مع بداية مشوار جديد فى حياته. غير جائزة الدكتور محمد بن سعيد الغامدي رئيس قسم الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الملك عبد العزيز قال إن هذه التصرفات تدخل في باب العادات والتقاليد والتي ينظر فيها من حيث المصالح والمفاسد من الناحية الشرعية وينظر لهذه الحفلات أنها اشتملت على جانب من الإسراف وفيها شيء من الإساءة للزوج وهذا خلاف قول الله تعالى «ولاتنسوا الفضل بينكم» وقد يكون فيها عدم مراعاة لمشاعر الأبناء والأطفال بعد انفصال والديهم ،وأضاف «نحن لا ننصح بها ولا نحبذها وان حدث انفصال بين الزوجين يكون شعارهم ولاتنسوا الفضل بينكم». تصرفات شاذة أما الشيخ الدكتور محمد السبر فقال: إن من حكمة تشريع الطلاق والفراق استحالة العشرة بين الزوجين بحيث لا يطيق كل منهما الآخر، ذلك أن العلاقة بين الزوجين يجب أن تكون قائمة على الحب والاحترام المتبادل بينهما، وفي حالة حدوث الطلاق أو الخلع، فيكون ذلك بالمعروف، فلا سباب ولا تشهير بكشف العيوب ونسيان الفضل قال تعالى:(ولاتنسو الفضل بينكم) وهكذا تكون العلاقات بعد نهايتها؛ التوديع بسلام واعتراف بالفضل وحفظ لسابق المودة والصحبة. مؤكدا أن النكاية وكيد أحد الطليقين بالآخر مسلك غير ممدوح شرعا ؛ فلا يجوز ذلك في إنهاء العلاقة وما يترتب عليها من تبعات وأحكام في الرضاع والنفقة وتربية الابناء. وقد يكون الطلاق إيذانا بالانطلاق وإغناء من الله وزوج أفضل من سابقه، فإنه إن كان في الطلاق رفعا للظلم والعنت فليحمد الله وليشكره بلا أشر وبطر. كما يرى أن حفلات الطلاق التي تقوم بها بعض النساء او بعض الرجال إذا كانت نكاية بالآخر ومحاولة لاقناع من حولها أنها سعيدة بالانفصال فهذه تعتبر تصرفات غير مقبولة عند العقلاء، وأضاف «هذا الاحتفال من الأمور التي لم ترد في الشرع ولا أصل لها، ولم اطلع على كلام للفقهاء حول ذلك». غير مناسبة من جانبها قالت المستشارة الأسرية أمة المجيب الشامي إن الله شرع الطلاق وجعله ابغض الحلال لما فيه من مضرة نفسية واجتماعية قد تلحق بالزوج والزوجة والاولاد فلا يصح أن نقيم له الحفلات. وترى أن هذه الاحتفالات لا تعبر عن الفرح بقدر ما تعبر عن وضع نفسي صعب لمقيمه ومواساة للنفس «فشة خلق» والافضل ان يعبر كل شخص عن أحزانه بطريقة تتناسب مع قداسة الاسرة. وتؤكد أن حفلات الطلاق قد تشعر مقيماتها بشيء من الفرح اللحظي ولكن بعد فترة ستشعر بشيء من الندم خاصة في حالة وجود أطفال لها لأن ذلك يؤثر سلبا ويلقي بظلال قاتمة على نفسيتهم. وأضافت «هذه الحفلات تعد من التصرفات غير السوية والتي لا تتناسب مع مجتمعنا العربي الشرقي وتعاليم ديننا الحنيف حيث يجب على المرأة في حالة الطلاق ان تواجه احزانها بعقلانية وحكمة وتعيد ترتيب أوراقها لمستقبل أفضل دون الإساءة لشريك حياتها السابق. تعبير متناقض جمانة الببيلي مدربة ومستشارة نفسية وتربوية أسرية مديرة مركز الإرشاد الجامعي بجامعة جدة تقول إن الزواج أهم علاقة ينشئها الإنسان في حياته لما لها من قدسية تجعلها فريدة عن أية علاقة إنسانية أخرى ولكن في بعض الأحيان يتعذر استكمال الحياة بين الزوجين لذلك شرع الله الطلاق بوصفه حلاً في حالات يصعب معها الحياة الزوجية بشكل طبيعي، وفي حال اضطر الزوجان لهذا الحل فإن الدين الإسلامي أمرنا بتسريح بإحسان، والإحسان يقتضي الحفاظ على العلاقات الطيبة بين الزوجين والأسرتين بعد الانفصال، كما أمر الشرع بعدم نسيان الفضل بينهما، وتعتبر حفلات الطلاق التي يقمنها البعض أمرا مرفوضا يخالف ما جاء به الشرع ، ويعتبر ذلك انتقاصا لقيمة الزواج وقدسيته، فوقوع الطلاق بغض النظر عن أسبابه يعني بالدرجة الأولى انهيار خلية كاملة من خلايا المجتمع وتفككا أسريا خاصة في حال وجود أبناء في سن الحضانة، كنا تؤكد أن الاحتفال بهذا الانهيار يعني استهتار بقيم المجتمع. واشارت إلى أن التفسير النفسي لهذه الظاهرة يرجع الى آلية من آليات الدفاع عن النفس والتعبير عن مشاعر نفسية متراكمة من أجل الانتقام من السنوات التي عاشتها في زواج فاشل ويراه البعض خطوة إيجابية تساعد على تجاوز الألم واتخاذ بداية جديدة واثبات للزوج أنها سعيدة بهذا الانفصال. موضحة ان ذلك تعبير نفسي متناقض يعبر عن الانكسار النفسي والتداعيات النفسية السلبية التي خلفها الطلاق وأنها غير مهتمة لهذا الطلاق ولا نستطيع اغفال الألم النفسي الذي تشعر به الزوجة بعد الانفصال وإن كانت هي من سعى لذلك فالبعض يرى أنها وحدها من يمر بأزمة نفسية بعد الانفصال، ولكن الحقيقة أن الرجل أيضاً يعاني بعد الطلاق وقد يمر بحالة نفسية سيئة إلا أنه أكثر مقاومة لطلب المساعدة النفسية. لذا يتوجب على الجميع توعية المجتمع بخطورة هذه التصرفات وأضرارها. حفلات دخيلة ومن الناحية التربوية توضح دكتورة نادية نصير مستشارة تربوية واسرية بقولها: الزواج من اقوى القوانين الاجتماعية وسمَّاه الله تعالى مِيثاقًا غليظًا وأبغض الحلال عند الله هو الطلاق لما فيه من تفسخ الاسرة وتشرد الاطفال ما بين الام والاب اذا وجد اطفال بينهم وليس العيب في قانون الزواج بل العيب في حسن الاختيار والوعي والمعرفة بكل تفاصل الحياة الزوجية وهناك ظروف كثيرة تستدعي الطلاق والامثلة كثيرة اذا كان الزوج يتعاطي المخدرات أو يعنف أو إنه مريض مرضا نفسيا تستحيل الحياة بالتعامل معه او يكون العيب في الاخلاق مثل النصب والاحتيال علي البشر. كل هذه اسباب قد تكون الزوجة عانت منها لذلك تلجأ الى الاحتفال بالطلاق من مثل هذا الزوج لانها قد تضررت وتحطمت من العشرة معه وتحتفل بالخلاص من المأساة التي عاشتها كردة فعل نفسية لانها تريد ان تنتقم لذاتها وتريد من الطرف الاخر ان يعرف انها خرجت محطمة واليوم هي في غاية السعادة في البعد عنه انتقاماً لكرامتها وبالطبع مثل هذه الحفلات للطلاق تعتبر دخيلة علي مجتمعاتنا العربية وبالاخص الاسلامية،اما بالنسبة الى نشر قصص الاحتفال بالطلاق على قنوات التواصل الاجتماعي فقد اصبح نشر الاخبار الشخصية مثل شربة الماء فالكل ينشر حياته الشخصية سواء المفرحة أو السيئة لماذا ؟ ممكن للانتشار او لهوس الشهرة وان يكون لهم متابعون اكثر وخصوصاً موضة الترند بالنسبة للمجتمع هناك من يؤيد ومن يرفض ولكن بين المؤيدين والرافضين يجب ان نأخذ في الاعتبار اشياء كثيرة الفئة العمرية لأنها كلما كانت من الشباب فسوف تزيد نسبة التأييد لأن الافكار متقاربة النوع كلما كانت من النساء زاد التأييد. نسبة التواجد على قنوات التواصل الاجتماعي المستمرة والاهتمام بأخبار الاعضاء الآخرين تزيد من نسبة التأييد لمثل هذه التصرفات غير اللائقة. مشاعر الحزن كما توضح الاستشارية الأسرية والاجتماعية دعاء زهران بقولها: فقد حلل الشرع الطلاق ولكن لم يجعل الامر بتلك السهولة والبساطة التي يظنها البعض…ووقع الطلاق ليس بهين على الطرفين فكلمة طلاق تكون كطلقة الرصاص على مُتلقيها، تقبلها وتعايشها يختلف من شخصية لأُخرى..ليس بين امرأة ورجل. فالمشاعر والأحاسيس فطرها رب العباد في كِلا الجنسين فتفاوتها والتعبير عنها يرجع لتنشئة وطبيعة ونمطية الفرد نفسة..وهناك من يبدل مشاعر الحزن بالضحك ومشاعر الفرح بالبكاء..فالاعتدال مطلوب والايمان بقضاء الله وقدره من اعلى مراتب الايمان..فما نراه اليوم من حفلات طلاق وكيكات الخلع ليس بالسلوك الصحيح ..وليس بالتعبير الطبيعي لحالة شخص فقد شريك حياته، لهذا فالوسطية مطلوبة في جميع امور الحياة لتسير بعجلة متوازنة..أما من يخالف الطبيعة الكونية فتكون لأسباب ما. اما لإخفاء ألم ، أو من أجل لفت الانتباه ،اظهار شعور عكسي للطرف الآخر اما من الناحية النفسية فالمشاعر تحتاج لوقفة ومصارحة وشعور باللحظة والموقف.. لنستطيع أن نتجاوز هذه المحنة بطريقة سوية وصحيحة، وتتفاوت فترة الصفاء والمصالحة مع النفس بحسب عدد سنوات العشرة وقوة العلاقة بين الشريكين. سيناريو الهروب من جهتها أوضحت ميساء شلدان اخصائية ارشاد نفسي وتربوي حفلات الطلاق رغم انها ليست ظاهرة في مجتمعنا الشرقي هناك اكيد مفارقة .. فبعد ان حصل الفرح والابتهاج بالزواج يحصل الفرح والتهنئة بالطلاق او بفشل انجاح العلاقة ( الزواج ). وهذا يدعو للتأمل والدراسة فهذا السلوك التعويضي يعرض الرغبة بتجنب شعور الوحدة ومقاومة الانكسار، ويكشف عن الهروب من مواجهة الذات او السخط على اوضاع معينة وفيه ايضا لفت الانتباه ورد الاعتبار وتصفية حسابات ونكاية بالطرف الآخر وهي مناطق قوة واهية وليست حقيقية. وعلى الرغم أن الطلاق يُعد حلاًّ إذا يئس احد الزوجين من استمرار الألفة والمودة والصفح والتسامح، إلاّ أن إقامة حفلة بهذه المناسبة من قبل طرف يعد سلوكا مضطربا وخاليا من القيم الاجتماعية والانسانية. ولو كان هذا الاحتفال في فشل العلاقة الزوجية امراً مستحسناً فلماذا لم نسمع عن حفلات التعثر في المراحل الدراسة؟ او حفلات لفشل مشاريع تجارية؟. واقول كلمة فشل ولا اعيب عليه فالفشل له مزاياه في رحلة النجاح، ولكن لنقيم المفاهيم في مكانها الصحيح والاتزان النفسي يحصل عندما نشعر بالراحة لقرار ما والقدرة عند القيام بعد التعثر والسقوط والفشل. وليس اثناء ذلك. الرأي الديني من الجانب الشرعي يقول الشيخ صالح بن سعد اللحيدان المستشار القضائي والمستشار للجمعية العالمية للصحة النفسية بدول الخليج والشرق الأوسط موضحا بقوله: الطلاق حق مشروع اذا تعثرت الحياة الزوجية سواء من الناحية المادية أو من الأخلاقية أو من الناحية الشرعية ، ويتم التفرقة بين الاثنين لتغليب المصلحة على المضرة، وما هو منتشر اليوم وهو قليل ولا يصل الى حد الظاهرة أن بعض النساء اذا تطلقت من زوجها أقامت احتفالا بهذا الطلاق وبالتالي حكم ذلك الفعل من حيث الوضع الشرعي والنفسي التحليلي أيضا لايجوز شرعا، كما حذر الطب النفسي من هذا السلوك لأن له عواقب وخيمة وهذا الفعل لعله انتقل الى مجتمعاتنا العربية من بعض البلاد الأوروبية التي تحتفل بالإنفصال، ولذلك لا يجوز للمرأة المسلمة إذا تطلقت أن تحتفل بعد الطلاق كونه أبغض الحلال عند الله.
إحصائية عبر استطلاع رأي: أجرت «البلاد» استطلاع رأي عبر تويتر لمعرفة من هي الفئة الأكبر لمؤيدي حفلات الطلاق والهدف الأساسي من تلك الحفلات وكانت النتيجة كالآتي: انتشرت مؤخرا عادة حفلات الطلاق التي يقيمها البعض بعد الانفصال ونشر مقاطعها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. في إعتقادك ماهي النسبة الأكبر لمؤيدي تلك الحفلات؟ المرأة 97,1 % الرجل 2,9 % هل هذه الحفلات بمثابة محاولة لإخفاء الألم الواقع بسبب الطلاق أم نكاية في الطرف الآخر؟ إخفاء الألم 36,8 %