ظهرت مؤخرا عادة انتشرت بين السيدات وهي «الاحتفال بطلاقهن»، مرجحات سبب ذلك إلى ما وجدن من معاناة في حياتهن الزوجية، واختلفت الآراء حول هذه الظاهرة فعلى الرغم من أن بعض المطلقات يشجعنها، إلا أن المجتمع يستنكرها كونها أبغض الحلال، كما يمتنع بعض أصحاب المحلات عن المساعدة في تجهيز هذه الحفلات حين يعلمون هويتها، معتبرين أن المشاركة في هذه المناسبة بابا لنشر عادة مكروهة لا تمت لمجتمعنا بصلة. وتحول الطلاق ونهاية الحياة الزوجية إلى فرحة وبهجة عند بعض سيدات المجتمع السعودي، نتيجة الهروب من عش الزوجية الفاشل- على حد تعبيرهن- بعد أن كان الطلاق في مجتمعنا مرارة وكآبة للمرأة، وربما تختفي عن أنظار المجتمع حياء من لبسها ثوب «المطلقة». في حين اعتبر مختصون أن ظهور ظاهرة إعلان نهاية الحياة الزوجية الفاشلة والطلاق في مجتمعاتنا عبر حفلات معلنة يعتبر كارثة تهدد وتخدش حياء وقيمة المرأة، فيما ذهب فقهاء الى أن ذلك مناف للشرع وتعاليم الدين الحنيف. مؤكدين أن حفلات الطلاق وليدة الوقت الراهن، وهي عادات للمجتمعات الغربية، الأمر الذي فتح حواراً مجتمعياً حول ما سمي «ظاهرة» لتكرار حدوثها، وانبرى الملاحظون بين رافض تماماً لتلك الفكرة ووصفها بالسخافة والتقليد الأعمى للغرب، ومن تداعيات «الغزو الثقافي الغربي للبلاد». بطاقات «الطلاق» وفي هذا الصدد، وضمن الملف الشهري السابع عشر «الزواجات.. والتكاليف الخفية»، قال الأكاديمي والمستشار القانوني الدكتور محمد بن حسين الشيعاني: كثيرا ما نسمع عن خلع فلانة من فلان، أو فسخ فلانة من فلان، وهي غالبا في جانب النساء أكثر منها في الرجال مع الأسف، وبعضهن تعمد إلى توزيع كروت دعوة وتوزيع قوالب حلوى تعبر عن فرحة المطلقة بالانفصال عن زوجها أو خلعه، وقد تلقب الزوج السابق ب «المخلوع أو الأثيم أو المنبوذ»، إلى غير ذلك من المسميات، وقد يترتب على بطاقات الدعوة دعوى جزائية تصنف بأنها دعوى تشهير وانتهاك لحرمة الحياة الخاصة، وتخضع لعقوبات نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، كما حددت ذلك المادة السادسة من ذات النظام، وهي دعوى يتقدم بها الزوج أحياناً فيتحول الاحتفال إلى محاسبة ومساءلة وعقوبة ينتظرها الطرف الآخر، وربما انعكست آثارها على الأطفال والأسرة، بل وباقي أصدقائهما من أفراد المجتمع. وأضاف: «غالباً يكون الدافع نحو هذه المناسبات التشفي والانتقام، أو التعبير عن انتهاء المعاناة خاصة في بعض حالات ظلم الأزواج زوجاتهن، أو تأخر مدة التقاضي لأسباب تعود إلى مماطلة الزوج أو عدم مواظبته على حضور الجلسات، أو امتناعه عن تنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بالحضانة، أو مواعيد الزيارة أو النفقة الزوجية إلى غير ذلك من الأسباب. وأشار إلى أنه وبغض النظر عن تباين الآراء في هذا الشأن مع نبذ شريحة كبيرة من المجتمع لها أيا كانت المبررات في ظل مجتمعنا المحافظ، فإن حماية بعض النساء من تعسف أزواجهن وسرعة وقصر فترة التقاضي في المشكلات الزوجية سيحد - بلا شك - من انتشار هذه الظاهرة خاصة أن المجتمعات اليوم باتت تتقبل الطلاق على أنه حالة اجتماعية وليست فضيحة أو عيبا تتوارى منه أو تخشى من الإفصاح به لأقرب الناس، كما هو حال كثير من العائلات في السابق، فقد كانت البنت أو الأخت تبقى لسنوات مطلقة ولا يدري أحد عن طلاقها أو انفصالها عن زوجها بدعوى الخوف من العيب أو الشماتة. مطلوب حملات توعوية تبين خطر القيام بهذه الاحتفالات على الفرد والمجتمع عولمة الطلاق وقال الدكتور الشيعاني: جدير بالذكر أن لهذه العادة وجوداً في بعض البلدان الغربية والشرقية أذكر منها على سبيل المثال دولة اليابان؛ فإن الأزواج فيها يحتفلون بالطلاق تماما كما يحتفلون بالزواج، ولعل هذه الإجراءات قد انتقلت إلى البعض بحكم سهولة الاتصال وما خلفته العولمة من مظاهر مشتركة أثرت سلباً على المجتمعات في العادات والتقاليد، بل والأفكار والمعتقدات في بعض الأحيان. كما قد عالج السياق القرآني نهاية الحياة الزوجية بكل أريحية، بل وكمال في التشريع حيث تعالى: «ولا تنسوا الفضل بينكم»، وشرع متعة للمطلقات بعد طلاقهن تطييباً لخواطرهن وإكراماً لهن. ومن الوسائل الشرعية لعلاج هذه الظاهرة أن يتم فرض متعة للمطلقات بعد طلاقهن أسوة بكثير من الدول الإسلامية، فإذا وجدت الزوجة الزوج يسعى في اكرامها ويمد لها يد العون والمساعدة، فسيذهب ما بقلبها من الحقد أو دافع الانتقام ليتحول إلى مشاعر امتنان وانسجام، وللمال - بلا شك - سحره وأثره في نفوس الناس، فلطالما استعبد الإنسان بالإحسان. زواج فاشل وأضافت الباحثة القانونية والأكاديمية رحاب الرحيمي قائلة: رغم أن الطلاق يعتبر أمراً محزناً وتهديدا لنظام الأسرة، فالطلاق نتيجة لزواج فاشل وإعلان صريح من الطرفين عن الوصول إلى طريق مسدود والعجز عن الاستمرار، لكن هل تستحق التجارب الفاشلة الاحتفال بها، أو التهاني من أجلها عبر المسجات ووسائل التواصل الاجتماعي؟ هناك للأسف حفلات مصغرة تقام بمناسبة الطلاق وكأنه حدث جميل في مسار الحياة. وقد يعتبر بعض النساء هذا الاحتفال نوعا من أنواع تخفيف الضغط النفسي الذي تعرضت له أثناء حياتها مع زوج غير سوي كان يعاملها بعنف. فالطلاق لم يزعجها أو يتسبب لها في مأساة، لكنه أمر ساعدها على التخلص من سيطرة ذلك الزوج السيئ، لكن أقول: لعلها قد تحتاج أيضا لحفلة أخرى لحصولها على الأوراق الرسمية والنفقة!. فالمأساة لم ولن تنتهي عند هذا الاحتفال خاصة إذا كان لديها أطفال، فالإجراءات الخاصة بتحديد النفقة وما يلزم من استشارات قانونية أو محامين وغيرها من الأمور، فأوراق الأطفال الرسمية والثبوتية ستظل في يد الزوج وستبدأ معاناة الزوجة في الحصول على حقها وحق أطفالها، وإذا كان الزوج لا يطاق وسيئا للغاية وتم الطلاق منه أو الخلع فاحمدي الله واشكريه، لكن أن تقيمي حفل طلاق فهذا هو العجب!. وشددت الرحيمي، بقولها: «ما هكذا شكر النعمة إن كانت نعمة، فالطلاق قد يكون نهاية وقد يكون بداية لحياة جديدة كل حسب نظرته، وما يستحق أن نحتفل به حقا هو القدرة على استمرار الزواج ناجحا عاما بعد عام رغم الصعاب». تشجيع الطلاق وفي السياق نفسه، أوضح المستشار الأسري عبدالحميد الحليبي، أن هذه الاحتفالات تدعو إلى تشجيع الطلاق ودعوة إلى الانحلال والتفريق، وبالتالي تؤدي إلى التفكك الأسري وتشجع الشيطان وتعينه على التفريق وبالتالي ضياع الأولاد، مبيناً أن هذه الحفلات تُعد انهيارا للوحدة الأسرية وانحلال الأدوار الاجتماعية، المرتبطة بها، عندما يفشل أحد أو أكثر، في القيام بالتزامات دوره بصورة مرضية. مضيفاً: إن مشكلة التفكك الأسري تُمثِّل خطرًا عظيمًا على المجتمع، لاسيما مع تَزايد هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة، وهو ما يستدعي بالضرورة أن يَنتبِه أربابُ العقول وأهل الفِكْر في المجتمع لها، وأن يسعوا جاهدين إلى الحدِّ من هذه الأزمة التي تَمُر بها الأسرة المسلمة في العصر الحاضر، التي أصبحت تُعاني التفكك بعد أن فقَدت كثيرًا من القيم الأخلاقية والدعائم التي كانت تقوم عليها الأسرة فيما قبل، موضحا أن الإشارة إلى أن ظاهرة التفكك الأسري لا يكاد يخلو منها مجتمع في العالم الإسلامي أجمع في الوقت الحاضر، وإن كانت الظاهرةُ تتفاوت في حِدَّتها وخطورتها من مجتمع إلى آخر ومن دولة لأخرى. بدعة الاحتفالات وأبان المأذون الشرعي لعقود الأنكحة الدكتور نواف دخيل الله السلمي، أن هذه الاحتفالات التي انتشرت بين البعض من حيث الاستبشار وإقامة الحفلات وتوزيع الدعوات من أجل الطلاق تعد بدعة، ولا شك أن الانفصال في بعض الزيجات التي تعاني فيها الزوجة الإيذاء والاضطهاد فرج وأنس وفرح وحبور من الانعتاق من الظلم والشقاق، لكن هذه الطريقة في الاحتفال لم ترد في الشرع وتنافيه، ولا في العرف وتجافيه. وأضاف: «غاية سعادتها أن تسجد لله شكرا توافقاً بلفظة القرآن الكريم تسريح بإحسان»، وقال: ولا تنسى الفضل بينها وبينه واللحظات الحسان في حياتهما السابقة، ناهيكم عن أن هذه الاحتفالات من الإسراف والتبذير ودفع المال من غير حق، إضافة إلى أن لها انعكاسات نفسية على أولادهما وأهليهما واجتماعية في سد الباب عن الزواج بها لسوء سلوكها. احتفالات الطلاق كما استنكر مدير إدارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ أحمد الهاشم ما يحدث من احتفالات الطلاق، التي تعد من شماتة المرأة في زوجها بعد الطلاق، أو العكس، وهذه الظاهرة لا يقرها الإسلام مطلقاً، حتى وإن كان الزوج ظالما، قائلاً: الطلاق يمكن عندما تستحيل الحياة الزوجية في الاستمرار نتيجة الحياة الفاشلة، مستشهداً بقول الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم): «أيما امرأة طلبت زوجها الطلاق من غير بأس حرم الله عليها رائحة الجنة» بمعنى بسبب بيّن يستدعي الطلاق مثل: ارتكابه المعاصي الظاهرة، وتعذر قيامه بالحقوق الزوجية الواجبة. مطالب بتجريم الاحتفاء بالطلاق قانونياً كيد نساء وذكر الدكتور أحمد بن حمد البوعلي أنه إذا كانت المغالاة في المهور قبل الزواج سبباً لإعراض كثير من الرجال والشباب عن الزواج، وربما أنها أكبر مصيبة من العزوبية أو البقاء دون زواج، لأنها بعد الزواج ربما تكون سبباً للمشاكل والشقاق والخلافات الزوجية، وربما جرّت إلى الطلاق ومشاكل الانفصال. لأن الأقساط والديون الكثيرة على الزوج وأهله توقعه في مزيد من الاستدانة لشهور طويلة وتكون النهاية المؤسفة تشردا وتفككا وانهيارا اجتماعيا وأخلاقيا، فأسوأ ما تتعرض له الأسر من ابتلاء هو الطلاق الذي يسبب تشتت أفراد الأسرة من الأبناء والنساء خاصة اللاتي قضين زهرة شبابهن في خدمة أزواجهن، ثم يطلقوهن. وزاد بقوله: «مما يؤسف له أنه لا مقارنة بين ما كان عليه سلفنا الصالح من تيسير للمؤونة وقلة الكلفة والمساعدة المالية والمعنوية، وما نحن عليه اليوم من إسراف وتبذير ومغالاة وتفنّن في النفقات والمصروفات والأقساط والديون». وعن الاحتفال بالطلاق أشار البوعلي، إلى كثرة الجدل حول حفلات الطلاق، التي انتشرت في الوسط النسائي في بعض المدن، خصوصًا بين صغيرات السن من حديثات العهد بالزواج وتكرر حدوثه، إلا أنها لم ترق إلى مستوى الظاهرة، مبينا أن أصل هذه الطريقة والاحتفال جاء من الغرب. أما عن حكم الاحتفال به فإن الطلاق أبغض الحلال عند الله تعالى، كما ورد في بعض الأثر، وهو أمر يمثل ظاهرة اجتماعية، ولا يصح الاحتفال بالمآسي حتى لو كان الطلاق أو الخلع كالفرج بالنسبة لبعضهن، لأنه سيتسبب بلا شك في مأساة مستقبلية وهذا الأمر لا يصح الاحتفال به لا شرعاً ولا عرفاً، فلا الذوق ولا الفطرة السليمة يقبلان مثل هذا الأمر. وهذا الفعل هو من كيد النساء الذي يجب التصدي له بالتوعية الإعلامية ضده وعدم الاستجابة لمثل هذه الدعوات من قبل الأخريات، فإذا دعيت النساء لحفلات الطلاق ووجدت النساء المحتفلات بهذا الشر الجديد فيجب عدم الاستجابة من الغير، فالانفصال والطلاق لا يكون إلا عن شقاق ونزاع. وأضاف: وبالتالي لا يصح أن يفرح الإنسان بشيء كهذا، مشيراً إلى أن المرأة حين تفرح بهذا تريد أن تسيء إلى الزوج فضلاً عن أن هذا أمر محدث مبتدع، وتترتب عليه آثار مستقبلية سواء للأبناء أو الأهل أو على مستقبل المطلقة. تبعات الطلاق واستنكر الأكاديمي المتقاعد محمد العلي، أمر الاحتفال بالطلاق، مضيفا أن الاحتفال بالطلاق أمر مبتدع ولا يجوز العمل به لان أمر الطلاق ينبغي ألا يكون مناسبة يحتفل بها، لأنه إذا أقررنا بهذا الأمر فمعنى ذلك الإقرار بالاحتفال بالطلاق وهذا لا يجوز لأن الاحتفال للزواج وليس للطلاق. وأضاف: هذا دور العلماء والخطباء في المساجد أن يبينوا في دروسهم وخطبهم هذا الأمر، كما على وسائل الإعلام أن تتحدث عن هذه الظاهرة الجديدة التي بدأت تنتشر في المجتمع وتحذر منها، وهكذا يتوعى الناس، وأما تأثيرها على الناحية الاقتصادية فلا شك أنها سترهق الناس فزيادة على حزن الأهل سيغرمون الحفل ومتطلباته وهذا أمر مرهق اقتصاديا. الهروب من الواقع أما من الناحية النفسية الاجتماعية فتجد الأخصائية الاجتماعية فاطمة العجيان، أن لجوء الفتاة للاحتفال بطلاقها يكون نتيجة لما عانته من عذاب وألم في حياتها الزوجية، والطلاق رغم إباحته إلا أنه مكروه، فوجود مثل هذه الظواهر يعد تشجيعا لما يبغضه الله، وهذا بدوره يعد محفزا لعدم الصبر والتساهل في حل المشكلات. كما أن هذه الظاهرة تشجع على اللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية المتكاملة، حيث يستسهل أفراد الأسرة الحياة ويلجأون إلى الهرب من الحل بدلا من البحث عن الأسباب، وهذا بدوره يشجع على التهاون والأنانية وتعزيز الهدم. وأضافت: «يؤدي ذلك إلى الندم لترك ما أنعم الله على الإنسان به نتيجة عدم حفظ النعمة وترك مسؤولية حث الله على حفظها وترك قضية تعد أساس حضارة الأمة وبنائها، إضافة لما تخلفه من آثار وعلاقات بين العوائل المؤيدة والمعارضة، فتتسع دائرة العداء، وربما تحاك المؤامرات بما تأخذه النفس الأمارة بالسوء، وبمحاولة إثبات الحق من كلا الطرفين، وربما دفع البعض إلى الكذب أو قذف الأعراض، وهذا بدوره بداية انهيار المجتمع». مطرقة الطلاق وأشار المستشار النفسي والاجتماعي أحمد النجار، إلى أنه عند النظر لظاهرة خطيرة كظاهرة الاحتفال بالطلاق لابُد أن ننظر إليها من زاويتين مختلفتين، الزاوية الاجتماعية والزاوية النفسية، فمن الزاوية الاجتماعية هناك ثلاثة محاور أساسية لابد أن يتم التحرك من خلالها، فالمحور الأول أن هذا الفعل لابُد أن يُجرمَ قانونياً، ولابد أن تتخذ الجهات المسؤولة إجراءات صارمة لكل من يقوم بمثل هذا الاحتفال أيا كان مبرره وأيا كان دفعه. والمحور الثاني: لابُد أن تتكاتف جميع الجهات في حملة توعوية مكثفة تستهدف الجميع مُبينةً خطر القيام بهذه الاحتفالات على الفرد وعلى المجتمع، أما المحور الثالث فهو بيت القصيد وهو المحرك الحقيقي لمثل هذه الاحتفالات، فهذه الاحتفالات وإن كنا نرفضها ونشجبها ونطالب بإيقافها، إلا أننا نعلم يقيناً بأن الدافع الأكبر لكثير منها هو الخلل الكبير والخطير للغاية الذي يقع في كثير من محاكمنا. وأضاف: «المرأة عندما تُبتلى بزوج سيئ منحرف يمنع عنها حقوقها ويذلها ويهدر كرامتها ويعتدي عليها فهي ستكون واقعةً بين سندان سمعة المطلقة ووضعها السيئ في المجتمع وبين مطرقة القضاء وحباله الطويلة، فكلنا يعلم حال المرأة عندما تمر بقضية طلاق وكم يستغرق الوقت من زمن وإجراءات مضنية مُهلكة ومراجعات، وقد يكون الحكم في كثير من الأحوال في صالح الرجل». وأشار النجار، إلى أنه حتى وإن كان الحكم لصالح المرأة فإن الرجل إما لا يُنفذه، أو ينفذه لفترة محددة ثم ينكص على عقبيه، مما يجعل المرأة تُعيد التجربة القاسية نفسها ثانية، فبعض الزوجات يكون الطلاق بالنسبة لهن حلماً صعب المنال وما أن يتحقق حتى تدخل في حالة نفسية يقودنا الحديث عنها إلى الزاوية النفسية للموضوع. علم النفس والطلاق مضيفا: الزوجة المُحتفلة- في كثير من الأحوال- إنما احتفلت بالطلاق كردة فعل نفسية على كل العقبات والمصاعب والتحديات التي واجهتها، إلا أن بعضهن يحتفلن نكايةً في الزوج وإغاظة له وتشفياً منه وهذا خلل نفسي كبير أيضاً، وخلاصة القول: إن في الاحتفال بالطلاق أضرارا كبيرة جدا من نواح عديدة وفيه تبذير وإسراف واستجلاب عادات سيئة لا تمت لثقافتنا بصلة لا من قريب ولا من بعيد. كما أن الزوجة لا بُد أن تراعي نفسية أطفالها بعد هذا الحفل الذي سيؤذيهم كثيراً، حتى وإن واجهت صعوبات في الطلاق فلا بد أن يكون الشكر عن طريق حمد الله والثناء عليه، لا عن طريق حفلات تافهة سخيفة ستشوه سمعتها وستغلق عليها باب تقدم أحدٌ للزواج منها ثانيةً بعد سجلها السيئ الذي سببه هذا الاحتفال والذي حولها من مظلومة إلى عابثة متمردة متشفية، وكما لا ننسى قوله تعالى: «ولا تنسوا الفضل بينكم». تقليد الثقافات وذكر الباحث الاجتماعي فؤاد المشيخص، بقوله: هناك في مجتمعنا مجموعة من التصرفات الفردية ترتبط بمجموعة من الأسباب منها: الانفتاح الثقافي على الثقافات الأخرى عبر التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي، والقنوات ومحتواها وما تقدمه، ورافق ذلك خروج المرأة للعمل الذي هو حق لها مع ذلك لا يوجد لدينا مراكز دراسات من خلالها نستشرف المستقبل. وعليه فإن احتفال المطلقات بطلاقهن نوع فردي وليس ظاهرة وهو أمر جديد على مجتمعنا، وقد أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي لهذه الأفعال مجالا واسعا في الانتشار بين الجمهور، وانتشارها ليس دليلا على كونها ظاهرة وإنما لأنها شيء فردي وغريب على المجتمع، وهذا هو سبب التركيز عليها. مرض نفسي وأضاف المشيخص: إن سبب احتفال المطلقات بطلاقهن، إنما هو نوع من أنواع ردود الفعل الانتقامية من سلوك الزوج وتصرفاته والتنكيل به واسقاطه اجتماعيا، ونوع من أنواع حب الظهور، وإعادة الاعتبار الكاذب للمطلقة وكأنها حققت نجاحا في حياتها الأسرية، وهذا قد يدل على ضعف الروابط من ناحية قدرة الفرد على اتخاذ قراره منفردا دون مراعاة الوضع العائلي أو الاجتماعي. أيضاً هو نوع من استغلال القوة المادية للمطلقة بطريقة سلبية في التعبير عن انتقامها دون أن تعطي اعتبارا لانعكاس ذلك السلوك على الثوابت الاجتماعية والعادات والتقاليد والأعراف، وهو نوع من أنواع المرض النفسي والاجتماعي الذي يحتاج التصدي له من قبل علماء الدين والمتخصصين اجتماعيا ونفسيا. وأكد المشيخص أن هذا السلوك إنما هو نابع من حالة نفسية انتقامية عنيفة في ردة فعلها، وأيضا فيه نوع من التبذير المالي، ونشر ثقافة دخيلة بعيدة عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، ومن هنا تأتي أهمية التوعية بهذا التصرفات عبر المساجد ووسائل الإعلام والتوعية العامة من قبل الجهات ذات الاختصاص. تجربة مطلقة وبأخذ رأي إحدى السيدات حول الاحتفال بالطلاق، تذكر أم محمد، أنها أم لثلاثة أولاد، وحصل خلاف بينها وبين زوجها أدى إلى طلاقها بعد ترددها على المحاكم وتوسط مجموعة من المعارف لتتمكن من الحصول على الطلاق، لكنها ومع ذلك ترفض كليا فكرة الاحتفال بالطلاق لأنه شيء غير محبب ومحزن بالنسبة لها. وأضافت: «لا يوجد سبب أحتفل به، وإن عانيت حتى حصلت على الطلاق، كما أستنكر على الفتيات قيامهن بهذا الأمر الذي سينتقص من حقهن وسيجعلهن بمنظر سيئ أمام المجتمع وذويهن وأولادهن مستقبلا، فلابد للفتاة أن تزن الأمور بميزان العقل لا ميزان العاطفة والتهور». نظرة المجتمع فيما تجد أنوار العيسى، طالبة جامعية، أنه مهما كانت المعاناة التي عانتها المرأة مع زوجها لا يتوجب عليها الاحتفال بعد الطلاق منه، كما أن المجتمع لن يرحمها من خلال نظرته السلبية لهذا التصرف خاصة، أنه دخيل على المجتمع، ومن تقوم به ستوصف بأنها غير واعية أو أنها تعاني مرضا نفسيا. وذكرت العيسى، أنه ربما ستوصف بالاستهتار، وتتعرض للنقد اللاذع، الذي ربما سيؤثر على مستقبلها وحياتها المستقبلية، وربما يؤثر على نفسية أبنائها حال كان لديها أبناء، وعليها بدلا من ذلك أن تحمد الله وتشكره على قضائه وقدره وما كتبه لها وأن يعوضها بما يناسبها. نتائج الاحتفال السلبية وتجد هدى الحمود، أنه لا يجب إعطاء هذا الموضوع أكبر من حجمه، بل على العكس يجب تهميشه لأنه في غالب الأحيان التركيز على موضوع معين يلفت الأنظار حوله، وربما تكون له نتائج سلبية، لذا وجب تهميشه واستنكار كل من يقوم أو يؤيد هذه الظاهرة الدخيلة ويعاقب من يقوم بها حتى لا تنتشر في المجتمع وتصبح أمرا واجبا. وأضافت: «ناهيك عن المبالغ المالية التي ستصرف لهذا الحفل، التي تعتبرا تبذيرا وإسرافا يعاقب عليه الله، ويجب صرف هذه المبالغ في ما ينفع ويعود بالخير والفائدة مثل الالتحاق بإحدى الدورات التعليمية، أو القيام بنشاط معين أو السفر للاستجمام والترويح عن النفس». وأشارت الحمود إلى أنه يجب على الأهالي أن يقوموا بالدور الأكبر في توعية أبنائهم وبناتهم، فلو كانت الفتاة جاهلة أو تصرفت من واقع عاطفتها وجب على ذويها نصحها وتوجيهها التوجيه السليم حتى لا تقع في الخطأ، الذي تلام عليه بدلا من أن تكسب تعاطف من حولها، وإن كانت مظلومة في طلاقها لتعلم بأن الله لا ينسى مظلوما، وسيعوضها بخير من زوجها السابق «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم».