إن الابتكار هو أحد العناصر المهمة في الاستراتيجيات التنموية وعملية النمو الاقتصادي والتحول صوب اقتصاد المعرفة، لذا فقد استصحبت رؤية 2030 عنصر الابتكار باعتباره محركاً اقتصادياً وأحد أهم ركائز برنامج التحول الوطني لتحقيق الرؤية التي نصت على: "للعمل على توفير الفرص المثمرة؛ سيتم مواصلة الاستثمار في التعليم والتدريب من خلال التركيز على الابتكار في ريادة الأعمال والتقنيات المتطورة"، فمن خلال عملية الابتكار يمكن تحويل الأفكار إلى آليات إنتاجية عبر تأسيس المشاريع التي توفر فرصاً جديدة للعمل وتستقطب كفاءات مؤهلة لزيادة الإنتاج وتطوير المشاريع واستمراريتها. إن الابتكار قد تعددت تعريفاته وفقاً للمدارس الفكرية واتجاهاتها ويمكنني القول بأنه الاستجابة للتغييرات بطريقةٍ إبداعيةٍ، ويتعلق ذلك بتوليد أفكار جديدة وإجراء البحث والتطوير، وتحسين العمليات أو تجديد المنتجات والخدمات، بالإضافة إلى تطبيق حلولٍ جديدةٍ لمشاكلَ ذات معنى، وهو عنصر غير موجود في الأعمال اليومية الروتينية أي أنه يقتضي التفكير خارج الصندوق. ومع تنامي دور عنصر الابتكار في دفع عجلة الاقتصادات وزيادة الإنتاجية، فقد ظهرت مؤخراً نظرية اقتصاد الابتكار التي جاءت مع تقدم التكنلوجيا الرقمية الذي صاحب عصر المعرفة وتبدلت النظرة الاقتصادية للابتكار من حيث إنه قوة مستقلة ليضحى ركيزة مهمة في تطور مؤسسات الأعمال والشركات بل حتى اقتصادات الدول، حيث يجمع كثير من المختصين في عدة قطاعات مهمة على أن البقاء في حلبة المنافسة رهين باستصحاب عنصر الابتكار مع المرونة والتكيف وابتكار أساليب ناجعة لمجابهة التحديات والصعوبات. وفي سبيل تفعيل عنصر الابتكار في كافة الأعمال، فإننا نحتاج إلى كليات متخصصة لتعلم ومنح شهادات الكفاءة في طرق ومعينات الابتكار الأساسية بجانب تعلم كيفية القيام بالبحوث الابتكارية والتفكير والعصف الذهني والمقدرة على هيكلة المشاريع الابتكارية، وكيفية إدارة عملية الابتكار وإنشاء وقيادة فرق الابتكار وتحفيز المشاركة بالأفكار الابتكارية الريادية ورعاية أصحابها بجانب أهمية وجود إدارة للابتكار في الجهات العامة ومؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى إنشاء منظمة سعودية على غرار (منظمةGINI) الدولية التي تتيح تجمعات علمية وتقدم استشارات وشهادات مهنية لأعضائها في مجال الابتكار، على تعتمد شهادات هذه المنظمة السعودية في سائر القطاعات، وفوق ذلك كله العمل على تأسيس جهاز حكومي يُناط به حوكمة الابتكار لتلبية متطلبات الإنتاج والإنتاجية وخلق المزيد من الوظائف والتنافسية ورفد القطاع الخاص ومجتمع الأعمال بالأفكار الخلاقة المبتكرة وصولاً إلى تحقيق التنمية المستدامة. وأخلص إلى أنه من المهم توفير بيئة حاضنة ومشجعة للابتكار والمبتكرين وتنظيم مبادرات وبرامج لتوطيد ثقافته في المجتمع، بحسبان الابتكار رافعة لاقتصاد وطني تنافسي مزدهر.