شهدت مدن العاصمة السودانية الخرطوم، أمس (السبت)، تظاهرات مليونية رافضة لإجراءات قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وحله لمجلسي السيادة والوزراء وفرض الطوارئ، مطالبة بإعادة الحكم المدني في البلاد، بينما قطعت السلطات خدمات الاتصالات والإنترنت. وتجمع الآلاف في شارع الستين شرقي الخرطوم كما شهدت محطة المؤسسة بالخرطوم بحري وشارع الأربعين في أمدرمان تجمعات مماثلة، في وقت فرضت أجهزة الأمن طوقاً أمنياً حول منطقة وسط الخرطوم بمحطة القصر الرئاسي ومقر مجلس الوزراء فضلاً عن إحكام إغلاق الجسور الرابطة بين مدن الخرطوم الثلاثة. وقالت لجنة أطباء السودان إن شخصين قتلا أمس في التظاهرات بينما أصيب آخرون جراء إطلاق الرصاص على متظاهرين في أم درمان. وحددت الغرفة المركزية لمليونية 30 أكتوبر مسارات التظاهرات في مدن العاصمة الثلاث، حيث اتجهت تظاهرات الخرطوم إلى شارع المطار، فيما اتجهت مواكب مدينة أم درمان إلى مقر البرلمان، بينما كانت المحطة الوسطى، وجهة تظاهرات مدينة الخرطوم بحري. واعتمدت التظاهرات شعارها الأساسي "الردة مستحيلة"، في إشارة إلى العودة للوراء، ولما قبل الانتفاضة التي استمرت شهورا وانتهت بإسقاط الرئيس السابق عمر البشير في أبريل 2019 وتشكيل سلطة انتقالية من المدنيين والعسكريين منوطة بها إدارة شؤون البلاد إلى حين تسليم الحكم إلى حكومة منتخبة ديمقراطيا عام 2023. وحذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس (السبت)، من أي عنف ضد المتظاهرين السلميين لن يكون مقبولاً. وقالت: على قوات الأمن السودانية أن تحترم حقوق الإنسان، لافتاً إلى أن الولاياتالمتحدة تقف بجانب الشعب السوداني في نضاله السلمي من أجل الديمقراطية، مؤكدة أن تفاهما يجري لعودة حكومة مدنية لاستمرار العملية الانتقالية في مسارها. وكان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قال إن بلاده تقف إلى جانب الشعب السوداني مثلها مثل الدول الأخرى، داعياً إلى ضرورة إعادة الحكومة المدنية الانتقالية، مشداً على ضرورة السماح للمحتجين بالتظاهر دون التعرض لهم، قائلا "رسالتنا إلى السلطات العسكرية في السودان واضحة: يجب السماح للشعب السوداني بالاحتجاج السلمي وإعادة الحكومة الانتقالية ذات القيادة المدنية". وفي سياق الدعوات الدولية للتهدئة وعدم استخدام العنف، قالت وزارة الخارجية والتنمية البريطانية، نقلا عن المبعوث البريطاني الخاص للسودان روبرت فيرويذر، إن قوات الأمن السودانية يجب أن تحترم حق المواطنين في التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي. وتعهد قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان بتشكيل مؤسسات الدولة من كفاءات مدنية مستقلة بعيدا عن مشاركة الأحزاب، تمهيدا لتنظيم الانتخابات في البلاد عام 2023، معلناً أن هناك مشاورات تجري لاختيار رئيس للوزراء، وأن الجيش يتفاوض مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لتشكيل حكومة جديدة. وتوالت الدعوات الدولية من أجل الحفاظ على حكومة مدنية في البلاد، وصيانة العملية الديمقراطية، فيما دعا مجلس الأمن الدولي إلى جانب قوى أجنبية أخرى إلى التحلي بضبط النفس والحوار والإفراج عن المعتقلين، بينما كشف الاتحاد الأوروبي عن استعداده لدعم حوار يضم جميع الأطراف ويهدف لمواصلة عملية الانتقال في السودان. إلى ذلك، تتواصل المساعي خلف الكواليس السودانية من تهدئة الأوضاع وتشكيل حكومة جديدة، بعد حل الحكومة السابقة وفرض حالة الطوارئ من قبل القوات المسلحة. وبدأت عدة أطراف إقليمية ودولية الحث على تشكيل حكومة مدنية أو إعادة حكومة عبد الله حمدوك مع تعديلات.