أشاهد البيرق السعودي مرفرفا في سماء مملكة الرخاء والازدهار منذ أن وعيتُ ووطأت قدماي هذه الأرض المباركة، وبصفتي مقيما في المملكة العربية السعودية منذ صباي أعتبر شاهدا على ما مرت به من تغييرات جذرية، فقد كان أول عهدي بها عهد الملك فهد -رحمه الله-، ولا زلتُ أذكر على مر السنين السعودية -أراضيها وصحاريها- وما يعكس لون لوائها الأخضر في شتى الميادين التي أثبتت فيها السعودية قيادة وشعبا أنها قادرة على أن تتخطى الصعاب، وتلامس السحاب، بل ما وراء الأفق. فالجهد الذي بدأه وبذله المؤسس صقر الجزيرة العربية الملك عبد العزيز -رحمه الله- في توحيد المملكة عام 1932م مرورا بخلفه الملك سعود (1953م-1964م)، والذي سار على دربه، وأرسى أسس التعليم، ثم انتقلت مسيرة إنماء المملكة إلى القائد العربي المحبوب في العالم الإسلامي الملك فيصل (1964م- 1975م) والذي سكَّ سُمعةُ المملكة العربية السعودية ذهبا على الصعيد العالمي، أما على الصعيد المحلي فقد أنجز في قطاع النفط ما أخصب الفلاة، وأعشب العراء، وأنبت البيداء. وتسلمَّ الملك خالد (1975م-1982م) زمام الزعامة فأخذ بالمملكة مأخذ التطور والنمو في شتى القطاعات والمجالات، فقدَّم المملكة في شخوصها نحو المستقبل سيرا على أسلافه الملوك. ثم أتى خامس ملوك المملكة وأولهم الذي اتخذ لقب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد (1986م- 2005م) وقد اتسم عهده بالتمدن بالشمولية والتكامل المتعدد الاتجاه، وترك بصمات اقتصادية، وأدخل إصلاحات إدارية، وأخذ بالتعليم، وتنمية الموارد البشرية، والزراعة والصحة إلى آفاق أرحب وأوسع، ثم تسلم الملك عبد الله سدة الحكم (2005م-2015م)، وأنشأ شبكة من الجامعات، وأرسى قواعد مكافحة الفساد، وقدم البرنامج الابتعاثي، واهتم بالنقل والمواصلات، وطَّد التطور الحضاري، وكسب محبة شعبه، فلا يزالوا يذكرونه بكل خير. ومنذ (2015م) دخلت المملكة العربية السعودية في عهد جديد من النهضة عهد الملك سلمان -حفظه الله-، والقاسم المشترك في جميع ملوك المملكة ابتداء من المؤسس وحتى اليوم هو اهتمامهم بالحرمين الشريفين وخدمتهما العناية بكل ما يتعلق بهما دق أو جل. وقد وضع الملك سلمان -حفظه الله- خطة مستقبلية لعهد ما بعد النفط، تلك الخطة التي يمسك بزمامها ولي العهد الأمير الشاب الأمير محمد بن سلمان، والتي تمثل طموح المملكة العربية السعودية، وتجسد قيادتها وزعامتها للعالم الإسلامي وفي 2030م. وقبيل أن يصبح عمر المملكة العربية السعودية مائة عام تكون السعودية قد احتفت بنجاح خطتها، وذلك الصرح الذي بدأ بناؤه على يد المؤسس رحمه الله يكون قد بلغ من العلو مبلغه بحول الله. ونحن في جمهورية باكستان الإسلامية نبارك للمملكة العربية السعودية الوطن الثاني للباكستانيين هذا الازدهار، وندعو أن يستمر هذا الرخاء والسخاء ما استمرت الدنيا، وحفظ الله بلداننا جميعا في دعة وسلام، آمين. د. راسخ الكشميري