قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبدالفتاح البرهان، إن الخرطوم تريد حلا توافقيا وتفاوضيا مبنيا على حفظ الحقوق بخصوص أزمة سد النهضة. وفي لقاء خاص مع قناة "فرانس 24″، على هامش زيارته لفرنسا لحضور مؤتمر باريس لدعم السودان الذي تستضيفه فرنسا برعاية الرئيس إيمانويل ماكرون، أشار البرهان إلى أن السودان ظل لسنين طويلة يمر بتجارب مريرة ليست بها التزامات من الأطراف الأخرى، مشدداً على ضرورة وجود اتفاق ملزم. والتقى البرهان بمقر إقامته بفندق سكريب بالعاصمة الفرنسية باريسد، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي يشارك في مؤتمر باريس لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان. وإلى جانب عدة قضايا مختلفة، تبادل الرئيسان الرؤى بشأن تطورات ملف مياه النيل، حيث تم التوافق على المرحلة الدقيقة الحالية التي يمر بها ملف السد الأثيوبي جراء تعنت أديس أبابا. وأكد رئيس مجلس السيادة السوداني أن السودان ومصر تربطهما علاقات أزلية وقديمة، مضيفا: "لكن في هذا الموضوع لدينا مصالح مشتركة متشابهة، والطرفان يسعيان إلى وجود اتفاق ملزم وقانوني، لأن هذا الحق ليس حقنا، بل حق الأجيال القادمة"، مشدداً: "لذلك يجب أن تكون هناك اتفاقية تحفظ للأجيال حقهم في مستقبل استخداماتهم واحتياجاتهم للمياه". في غضون ذلك دعت الولاياتالمتحدة الأميركية كلاً من مصر والسودان وإثيوبيا، في بيان مطول، لاستئناف مفاوضات سد النهضة على وجه السرعة، في أول تحرك أميركي جاد ومباشر منذ تولي إدارة الرئيس جو بايدن رئاسة البيت الأبيض، مطلع العام، متعهدة بتقديم دعم سياسي وفني لتسهيل التوصل إلى نتيجة ناجحة. وأتت دعوة واشنطن عقب جولة مكوكية أجراها المبعوث الأميركي الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان، إلى كل من مصر والسودان وإثيوبيا خلال مايو الجاري، بهدف كسر جمود المفاوضات، ووقف التصعيد الراهن في ظل إصرار إثيوبيا على ملء خزان السد في يوليو المقبل، بصرف النظر عن إبرام اتفاق مع مصر السودان. ووصف الانغماس الأميركي الراهن في الأزمة، بأنه تحول كبير في موقف إدارة بايدن، بحسب مراقبين يرون أن واشنطن تسعى إلى تجنب مواجهة عسكرية باتت تلوح في الأفق مع تأزم الموقف، الأمر الذي قد يهدد مصالح أميركية في المنطقة، مؤكدة أن الأفق ليس مسدوداً، وأنه يمكن الوصول لاتفاق يلبي مطالب الدول الثلاث. وفي وقت سابق أفادت الخارجية الأميركية، في بيان، بأن فيلتمان "أكّد في مناقشاته مع القادة في أديس أبابا والقاهرة والخرطوم، أنه يمكن التوفيق بين مخاوف مصر والسودان بشأن الأمن المائي وسلامة وتشغيل السد مع احتياجات التنمية في إثيوبيا من خلال مفاوضات جوهرية وهادفة بين الأطراف في إطار قيادة الاتحاد الإفريقي، التي يجب أن تستأنف على وجه السرعة". وحددت الخارجية الأميركية (إعلان المبادئ الموقع عام 2015) وبيان يوليو 2020 الصادر عن مكتب الاتحاد الإفريقي، كأساس مهم لهذه المفاوضات، مع التزام الولاياتالمتحدة بتقديم الدعم السياسي والفني لتسهيل التوصل إلى نتيجة ناجحة. واعتبر البيان الأميركي – في محاولة للتحذير من أي تصعيد عنيف للأحداث – أن "منطقة القرن الإفريقي تمر بنقطة انعطاف، وأنه سيكون للقرارات التي تتّخذ في الأسابيع والأشهر المقبلة تداعيات كبيرة على شعوب المنطقة وكذلك على المصالح الأميركية"، مؤكدا التزام الولاياتالمتحدة بمعالجة الأزمات الإقليمية المترابطة ودعم القرن الإفريقي ليكون منطقة مزدهرة ومستقرّة.