على وقع غرق لبنان في جمود سياسي، بسبب عجز السلطة عن تشكيل حكومة جديدة، مما رفع سعر الدولار إلى 11 ألف ليرة وضاعف معاناة اللبنانيين، تجددت التحركات في معظم المناطق احتجاجًا ورفضًا للأزمة السياسية والمالية والمعيشية التي تخيم على البلاد، وممارسات "حزب الله" وحلفائه التي أدخلت لبنان في نفق ضيق. وقطع محتجون طرقًا رئيسية في مختلف أنحاء لبنان، أمس (الاثنين)، بينها غالبية المداخل المؤدية الى العاصمة بيروت، تحت شعارات عدّة بينها "يوم الغضب"، فيما أضرم المحتجون النيران في مستوعبات للنفايات وأشعلوا الإطارات لإغلاق العديد من الطرق في مختلف المدن اللبنانية، بينما أعادت السلطات الأمنية فتح بعض الطرق. وبدلًا من المعالجة السياسية للأزمة والإسراع بتشكيل الحكومة، ركز رئيس الجمهورية ميشال عون على الحل الأمني الذي يرفع وتيرة الغضب الشعبي والمواجهات، مطالبا الجيش وأجهزة الأمن بالتصدي للمحتجين وفتح الطرق، في وقت سجلت الليرة انخفاضًا قياسيًا غير مسبوق منذ دخول لبنان في دوامة الانهيار الاقتصادي قبل عام ونصف العام، إذ لامس سعر الصرف مقابل الدولار 11 ألفًا في السوق السوداء، وتسبب ذلك بارتفاع جنوني في الأسعار. وبالتزامن، يتجه لبنان إلى أزمة محروقات في ظل شح البنزين وزيت التدفئة، بسبب تعثر فتح الاعتمادات في وقتها نتيجة عدم توفر المال، ما أدى إلى تأخر وصول بواخر النفط إلى لبنان، إذ شهدت محطات المحروقات في منطقة الزهراني، زحمة كبيرة أمس، كما لوحظ أن بعض المحطات رفعت خراطيمها لعدم توفر البنزين. وأشارت المعلومات إلى أن الكميات التي يتم تسليمها للمحطات من شركات النفط، ولا سيما البنزين غير كافية، فيما تحدثت معلومات عن قيام عدد كبير من أصحاب المحطات الموالين ل"حزب الله" بتخزين المواد البترولية في ظل استمرار ارتفاع الأسعار أسبوعيًا، وسط توقعات ارتفاع إضافي. من جهته، حذر مرصد الأزمة في الجامعة الأمريكية في بيروت، في تقرير له أمس، من خطورة تداعيات انهيار قيمة الليرة ما يتسبب في تدهور القدرة الشرائية للبنانيين والمقيمين، وما يرافق ذلك من تنافس محموم على ما يعرض من سلع وبضائع مدعومة في بعض المحلات. وأضاف أن "الأسوأ لم يأت بعد". وعلى الرغم من ثقل الأزمة الاقتصادية وشح السيولة، لم تثمر الجهود السياسية عن تشكيل حكومة، منذ استقالة حكومة حسان دياب بعد أيام من انفجار مرفأ بيروت المروع في 4 أغسطس الماضي، ما يُقرب لبنان من الانهيار السياسي والاقتصادي.