إن القراءة تفيد الطفل في حياته إذ توسع مداركه وتجاربه وتضعه على طريق العلم والتثقيف وتغرس لديه الحس اللغوي وتمنحه القدرة على التخيل وتزيد من مستوى فهمه للأمور بحيث يكون قادراً على حل المشكلات التي تجابهه. وتلعب الأسرة دوراً أساسياً في تعويد الأطفال على القراءة وجعلها عادة أصيلة لديهم، فتربية الطفل على حب الاستكشاف والبحث الذاتي، تبدأ بتشجيعه على القراءة واقتناء الكتب المفيدة، فبيت به مكتبة في المنزل لهو النواة الحقيقية لصناعة جيل قارئ. ويتوقف تمتين العلاقة بين الطفل والقراءة على دور الأسرة في فتح عالم القراءة أمامه وجعلها مثل الألعاب الأخرى التي يحبها ويستمتع بها. ويبدأ هذا الدور بالقدوة القارئة التي تشجع الطفل على القراءة، وتتابعه فيما يقرأ من قصص وتناقشه فيه أو تدعوه إلى رواية أحداث أي قصة قرأها، فالمشاركة تخلق جوًا من الحب والألفة بين العائلة وتقوي شخصية الطفل. وإذا كان دور الأسرة بالغ الأهمية في تكوين الطفل ثقافيًا وغرس عادة القراءة في نفسه، فإن دور المحاضن التربوية الأخرى كرياض الأطفال والصفوف التمهيدية والمدارس بمختلف مستوياتها لا يقل أهمية عنها على صعيدالاهتمام بتشجيعه على القراءة، واكتشاف ميوله ومواهبه وتنمية المهارات اللغوية والتفكيرية لديه، وتعويده الاعتماد على الذات وغيره. وهنالك عدة أساليب لتعزيز سلوك القراءة لدى الطفل منها معرفة أهمية القراءة، فمن لا يعرف قيمة القراءة لن يحرص على تنشئة أطفاله عليها، فوجود الأب القارئ أو الأم القارئة في البيت يعطيه قدوة حية في حب القراءة، وحث الأطفال على القراءة واختيار المواضيع التي تعزز لديهم ملكة التعبير ومهارة الإملاء، ووضع مكتبة في حجرة الأطفال تكون خاصة بهم، وتزويدها بمجموعة متنوعة من الكتب المناسبة لسنهم لينشأ الطفل منذ صغره على رؤية الكتب أمامه دائمًا، وتعويد الطفل على محبة المكتبة وارتيادها من وقت لآخر، وإبعاد الطفل عن كل الملهيات عن القراءة، والتحدث مع الأطفال بلغة الكبار، فمثلًا قراءة القصص لهم بلغة فصحى مبسطة ليتعودوا على اللغة السليمة، وتقديم الكتاب هدية للطفل وقت نجاحه، وعدم مساعدة الطفل في شرح كل كلمة مبهمة، فالأفضل جعله يفهم معناها من سياق الجملة، وهو ما يؤدي إلى ترسيخها في الذهن وتعويد الطفل على الاعتماد على النفس، وتنويع مصادر الثقافة فهناك مصادر متنوعة غير الكتاب، كمواقع الإنترنت والتطبيقات الإلكترونية وغيرها. وأخلص إلى أنه ينبغي للمربي أن يضع نصب عينيه هدفًا أساسيًا يحققه من تعويد الأطفال على القراءة، وهو جعلهم باحثين مبتكرين، يعتمدون على أنفسهم في البحث عن الحقائق وتحصيل المعرفة، وهذا الأمر هو الخطوة الأولى في صناعة جيل من المخترعين والمبدعين الذين ندخرهم للإسهام في مستقبل هذا الوطن المعطاء. باحثة وكاتبة سعودية