بعد تبادل الاتهامات بين قادة ومؤسسات إيران حول مسار الملف النووي، امتدت الخلافات إلى الأجهزة الأمنية، آخر أدوات النظام للحفاظ على استمراره في الحكم عبر القمع والترهيب، في ظل معلومات عن أزمة متصاعدة بين وزارة الاستخبارات الإيرانية، وقوات الحرس الثوري، ضمن تداعيات واقعة اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، المتهم وفق تقارير غربية بالضلوع بدور رئيس في برنامج إيران النووي، وخصوصًا الشق السري المتعلق بصنع أسلحة الدمار الشامل. وكشف تقرير إخباري لموقع "إيران واير" المعارض لنظام الملالي، أن وزارة الاستخبارات الإيرانية تعمل في الوقت الراهن على استدعاء عناصر من الحرس الثوري، لفتح تحقيق حول ملابسات العملية. ونقل التقرير عن مصدرين، أن الحرس الثوري أبلغ وزارة الاستخبارات الإيرانية برفضه استدعاء أي عناصر في صفوفه. وأضافت المصادر أن وزارة الاستخبارات ترى أن الحرس الثوري لا يمتلك صلاحيات للتحقيق في اغتيال فخري زاده، بل إنه تسبب في العديد من المشكلات الأمنية خلال السنوات الأخيرة، في ظل عدم معرفة قادته بأساسيات العمل الاستخباراتي، وغرقه في الفساد. واعتبر التقرير أن إجراءات وزارة الاستخبارات الإيرانية الأخيرة بحق عناصر من الحرس الثوري تشير إلى زيادة المواجهة المباشرة بين هاتين المؤسستين الأمنيتين، معتبرا أن رواية الحرس الثوري حول مقتل فخري زاده غير واقعية. وتباينت الروايات في تفسير اغتيال محسن زاده، فمن الكمين المسلح، مرورًا بعناصر إرهابية، ورواية المطاردة، وسفر صاحب السيارة التي استُخدمت في عملية الاغتيال، وصولًا إلى رشاش تديره الأقمار الصناعية بذكاء اصطناعي؛ تنوعت وتعددت وتضاربت الروايات الرسمية الإيرانية، ما جعل معارضون يؤكدون أن الأجهزة الأمنية الإيرانية، خاصة الاستخبارات والحرس الثوري، أصبحت تفتقد الثقة فيما بينها، وأن حالة التشكيك والصدام المكتوم باتت تظهر للعلن، وتنذر بتفجر الخلافات في ضوء تدهور أوضاع البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تجعل تجدد الاحتجاجات واردا في أي وقت. إلى ذلك يواصل نظام الملالي تصعيد قمعه بمزيد من أحكام الإعدام ضد المعارضين والناشطين والصحافيين، لإرهاب المجتمع ومحاولة منع تجدد الاحتجاجات المرتقبة، إذ أيدت المحكمة العليا، وفقا لوكالة "تسنيم"، حكم الإعدام الصادر بحق الصحافي المناهض للنظام روح الله زم، بمزاعم إثارة احتجاجات اقتصادية في جميع أنحاء البلاد قبل ثلاث سنوات.