المسرح في المملكة العربية السعودية قديم نسبيًّا وليس حديثًا كما قد يظن الكثيرون، وحول نشأة المسرح السعودي تشير المصادر التاريخية إلى أن أول نص مسرحي شعري ظهر عام 1932م، وهو مسرحية «الظالم نفسه» للشاعر حسين عبد الله سراج، ومن مسرحياته الشعرية الأخرى: مسرحية «جميل بثينة» عام 1943م، ومسرحية «غرام ولَّادة» عام 1952م، أما أول نص مسرحي نثري فهو مسرحية «الدوَّامة» للدكتور عصام خوقير، مؤلف مسرحية «السعد وعد» التي تحوَّلت لاحقًا إلى مسلسل درامي تلفزيوني. وظهرت المحاولات العملية الأولى لإنشاء المسرح السعودي عام 1960م حين قام أحمد السباعي – الذي يمكن اعتباره رائد فن التمثيل المسرحي بالمملكة – بتأسيس «فرقة مكة» المسرحية، واستقدم لها مخرجا مسرحيًّا متخصصًا، كما أنشأ مدرسة للتمثيل أطلق عليها «دار قريش للتمثيل الإسلامي» وقامت هذه الفرقة باستعدادات كبيرة لتنفيذ أول عرض مسرحي من هذا النوع في المملكة، لكن الظروف حالت دون اكتماله، وأغلقت دار العرض. وبعد تلك البدايات المتعثرة ساهمت وزارة المعارف في إيجاد المسرح السعودي حيث استحدثت النشاط المسرحي التعليمي كفرع من فروع الإدارة العامة للأنشطة التعليمية اللاصفية في المدارس، واستقدمت له الخبراء المتخصصين، كما ساهمت وزارة الإعلام في نشر الفن المسرحي من خلال مسرح الإذاعة، ففي عام 1981م استمع جمهور إذاعة المملكة العربية السعودية من جدة إلى برنامج «مسرح الإذاعة»، ثم ظهر «مسرح التلفزيون» بعد عامين من افتتاح محطة الإرسال التلفزيوني من الرياض، وشاهد جمهور التلفزيون أول مسرحية سعودية كانت بعنوان «عريس من ذهب». ولا يمكن لأي باحث في تاريخ المسرح السعودي أن يُغفل دور الجامعات السعودية في العناية بفن المسرح، فقد كان لكل جامعة مسرح خاص بها له خصائص فنية تميزه عن غيره، ففي حين اهتمت جامعة الملك سعود بتقديم الواقعية والرمزية وباقي المدارس الفنية المسرحية، اهتمت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ببلورة وظهور ما يمكن أن يُطلق عليه «المسرح الإسلامي». وظل المسرح السعودي ذا طابع مدرسي تعليمي؛ حيث إن كثيرًا من العروض المسرحية كانت تُقدم على مسارح المدارس والجامعات، وقد ساهمت عدة خطوات فنية وثقافية مهمة في تطور الحركة المسرحية السعودية الحديثة، منها: تأسيس جمعية الفنون الشعبية عام 1970م، وإنشاء قسم الفنون المسرحية عام 1974م بالرئاسة العامة لرعاية الشباب التي تُعد صاحبة الفضل الأول في النهوض بالمسرح السعودي، كما تُعد الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بمثابة الأب للمسرح السعودي الحديث. ورغم أن المسرح السعودي يزخر بالعديد من العناصر الفنية المهمة، لكننا رأينا في العقدين الأخيرين تقهقرًا واضحًا في الحركة المسرحية السعودية بصفةٍ خاصة وفي الفن والأدب بصفةٍ عامة، وللنهوض بمسرحٍ سعودي متميز تكون له هويته الخاصة ينبغي أولًا حل أزمة النص المسرحي عبر حث الأدباء المبدعين على التأليف والكتابة للمسرح، كما يجب تشجيع المواهب المسرحية الفنية وتحفيزها، ولابد كذلك من تدريب الشباب وإعطائهم الفرصة الكافية لإبراز مواهبهم المسرحية. وفي ظل ما يجده المسرح السعودي حاليًّا من رعاية واهتمام كبيرين من قِبل وزارة الثقافة، والتوسع في إنشاء مسارح متطورة في معظم مناطق المملكة، فالأمل كبير جدًا في النهوض بهذا الفن الراقي.