برهن الكاتب والمؤرخ المسرحي علي السعيد على قدم الفنون المسرحية في حياة المجتمعات البشرية وذلك عبر سرد تاريخي صاحبه عرض مرئي لمجموعة من الرسومات والشواهد الصخرية من جنوب وشمال المملكة لفترة ما قبل التاريخ، وذلك خلال محاضرة ألقاها في فرع الجمعية السعودية للثقافة والفنون بالقصيم تحت عنوان "وقفات مع تاريخ المسرح السعودي". وأشار السعيد إلى أن الكشوفات والقراءات لهذه الشواهد أظهرت بعضاً من الإيحاءات والتعبيرات الدرامية والفنية لتلك الحقبة الزمنية القديمة، كما تطرق السعيد إلى الظواهر المسرحية في التراث الشعبي السعودي موضحاً أن التراث الشعبي لدى كافة الشعوب في العالم يعد منهلاً خصباً ومادة ثرية يستلهم منها المسرحيون والفنانون أشكالاً عديدة من الفرجة والاحتفالية علاوة على المواقف الدرامية التي اختفى خلفها بعض الكتاب المسرحيين، قائلاً إن التراث الشعبي في المملكة لا يختلف كثيراً عن سواه في مختلف الأقطار العربية والإسلامية. بعد ذلك تناول السعيد جانباً من تاريخ المسرح السعودي حينما أوضح أن أقدم البدايات المسرحية في المملكة للمسرح المدرسي يعود إلى عام 1348ه/ 1928م، وذلك عندما أقامت المدرسة الأهلية بعنيزة حفلاً مسرحياً في ختام العام الدراسي قدمت من خلاله الأناشيد والمسرحيات الهادفة والمضحكة والمناظرات الشعرية من أبرزها تمثيلية "بين جاهل ومتعلم"، تلا ذلك قيام العديد من المدارس في مختلف مناطق المملكة بإقامة حفلات المدرسية في نهاية العام الدراسي من كل عام لا تخلو من العروض المسرحية مروراً بفترة الثمانينات والتسعينات الهجرية التي ازدهر فيها النشاط المسرحي ازدهاراً منقطع النظير سواء في المدارس أو المراكز الصيفية وظهرت العديد من المواهب آنذاك وصلت من خلالها المملكة للمشاركة في اللقاءات والمهرجانات العربية على مستوى التعليم العام ثم تأتي محاولة الأديب أحمد السباعي كمحطة مهمة في تاريخ المسرح السعودي والمسرح الأهلي بشكل خاص وذلك عام 1961م حينما أسس دار قريش للمسرح الإسلامي وقدم مسرحية "فتح مكة" إلا أن محاولته وئدت في مهدها وأغلق المسرح. وعرج السعيد على بروز النشاط المسرحي في الأندية الرياضية طوال فترة الستينات والسبعينات الميلادية، مضيفاً أن التلفزيون السعودي "الرياض" أنتج مسرحية وقدمها للجمهور لأول مرة في تاريخه عام 1974م، وفي عام 1973م أنشئت جمعية الثقافة والفنون بالرياض وقدمت أول عروضها المسرحية عام 1975م وهي مسرحية "آخر المشوار". وتطرق السعيد لتاريخ المسرح الجامعي والدور المؤثر لجامعة الملك سعود وجامعة الملك عبدالعزيز في ذلك الوقت كاشفاً التأثير السلبي الذي رافق ظهور موجة الصحوة على المسرح السعودي وكافة الفنون، مبدياً خشيته من تأثير الحماس للسينما في الوقت الحاضر على المسرح ومطالباً المؤسسات الثقافية أن تقوم بعملية التوازن بين المسرح والسينما.