خارطة طريق مبكرة أعلنتها المملكة لإطلاق حركة الأنشطة الاقتصادية تدريجيا خلال الأيام المقبلة وفق الإجراءات الاحترازية الواجبة ، وصولا خلال أسابيع قليلة إلى عودة الحياة الطبيعية في 21 يونيو القادم ، دون الاخلال بالضوابط الوقائية الصحية العامة لضمان استمرار أسباب السلامة حتى الانتهاء من جائحة كورونا العالمية بكامل الدقة والشفافية. ووسط أجواء من التفاؤل والثقة لدى القطاع الخاص السعودي بعودة الحركة لعجلة الاقتصاد مع عودة تدريجية لدولاب العمل بكافة القطاعات ، والتقدير لما اتخذته الحكومة من مبادرات دعم تفوق 180 مليار ريال للتخفيف من آثار الجائحة، جاءت إعلان وزارة الداخلية قبيل نهاية عطلة عيد الفطر عن الخطوات المقبلة لإعادة فتح الاقتصاد تدريجيا تمهيدا للرفع الكامل وعودة الحياة إلى طبيعتها إلى ما قبل فترة إجراءات منع التجول ، واستمرار تعليق العمرة والزيارة، مع مراجعة ذلك بشكل دوري في ضوء المعطيات الصحية ، واستمرار تعليق الرحلات الدولية حتى إشعار آخر. دولاب العمل في هذا الإطار أوضح المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، أنه بعد فتح الأعمال والأنشطة بشكل أكبر سوف تتسع الدائرة ويزيد أعداد العاملين والمستهلكين ما يحفز الدورة الاقتصادية وينعشها، إلا أن الموازنة بين متطلّبات الوقاية الصحية، واحتياجات الأنشطة الاقتصادية مطلب مهم لهذه المرحلة. عودة مرحلية للنقل في السياق أيضا أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني عن صدور الموافقة على استئناف الرحلات الجوية الداخلية ابتداءً من يوم الأحد القادم، وذلك عبر الناقلات الجوية الوطنية، وذلك بناءً على ما رفعته الجهات الصحية المختصة في المملكة العربية السعودية بشأن عودة بعض الأنشطة الحيوية للعمل وفق الضوابط والتدابير الاحترازية الصحية المتخذة في مواجهة فيروس كورونا المستجد. كما أعلنت الشركة السعودية للخطوط الحديدية "سار" عن استئناف رحلاتها ابتداء من يوم الأحد القادم ، مفيدة بأنه يمكن للعملاء حجز رحلاتهم فقط عن طريق الموقع الالكتروني أو التطبيق الالكتروني ابتداء من مساء أمس الأربعاء. قوة الاقتصاد السعودي على مدى الأشهر الثلاث الماضية منذ ظهور فيروس كورونا وتفشيه كجائحة عالمية ، اتخذت المملكة وبتوجيهات كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – حزمة من المبادرات المالية المبكرة ، للتخفيف من تداعيات الجائحة على الأنشطة الاقتصادية، في الوقت الذي سجل فيه الاقتصاد العالمي خسائر غير مسبوقة تجاوزت الثمانية تريليونات دولار وفق المؤسسات المالية الدولية ، فيما أكدت وكالات التصنيف الائتماني والمؤسسات المالية الدولية قوة اقتصاد المملكة واستمرار تصنيفها المتقدم رغم الأعباء الناجمة عن أزمة أسعار النفط وآثار الجائحة ، وهي بطبيعة الحال مؤقتة مرهونة بظروفها. هذه الحقائق تناولها في أكثر من موضع وزير المالية وزير الاقتصاد والتخطيط المكلف محمد بن عبدالله الجدعان ، مؤكدا متانة الاقتصاد السعودي وقدرته على استيعاب تراجع الإيرادات والعجز في الميزانية مع التعامل بمرونة واحترافية مع تداعيات أزمة كورونا الراهنة، رغم كل الضغوط ورغم الحاجة الملحة لخفض النفقات. وقال إن حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- واجهت هذه الجائحة بعزم وقوة ووضعت فيها سلامة وصحة المواطن والمقيم على رأس أولوياتها، والعمل بكل جهد على تأمين الاحتياجات الأساسية، وتوفير الموارد اللازمة لأنظمة الرعاية الصحية، مع تقديم الدعمين المالي والاقتصادي للفئات الأكثر تضرراً من تداعيات مواجهة تلك الجائحة، ومراعاة إعادة ترتيب أولويات الإنفاق في ظل الظروف الحالية. واستخدمت المملكة جزء من احتياطياتها الكبيرة لتعويض الضرر الاقتصادي المترتب على انخفاض أسعار النفط والتباطؤ الشديد لجميع القطاعات الاقتصادية غير النفطية بسبب فيروس كورونا ، وبلغت الأصول الاحتياطية السعودية في الخارج بنهاية مارس الماضي أكثر من1.7 تريليون ريال مقابل 1.8 تريليون ريال بنهاية شهر فبراير السابق له، ويشمل إجمالي الأصول الاحتياطية لمؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، الذهب، وحقوق السحب الخاصة، والاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي، والنقد الأجنبي والودائع في الخارج، إضافة إلى الاستثمارات في أوراق مالية في الخارج. الدور الدولي للمملكة على الصعيد العالمي أكدت المملكة نجاحها في قيادة الجهود الدولية كرئيس لمجموعة العشرين الأكبر اقتصادا لمواجهة هذه الأزمة العالمية بتحدياتها وتعقيداتها ومستجداتها الصحية والاقتصادية التي أربكت العالم ، وقد تجلى النجاح السعودي في القمة الاستثنائية الافتراضية برئاسة خادم الحرمين الشريفين ، وتاكيده – حفظه الله – على ضرورة العمل الجماعي وتحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته لمواجهة الأزمة وتخفبف الأعباء عن الدول الفقيرة والأشد فقرا. كذلك الدعوة من جانب المملكة لسد الفجوة التمويلية لتطوير أدوات تشخيصية وعلاجات ولقاحات جديدة وتطويرها ، ومساهمتها في ذلك بمبلغ 500 مليون دولار ، وقد ترجمت دول المجموعة ذلك خلال الشهرين الماضيين بخطوات عملية بضخ أكثر من 7 ترليونات دولار في الاقتصاد العالمي، وذلك كجزء من السياسات المالية والتدابير الاقتصادية وخطط الضمان المستهدفة لمواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والمالية للجائحة، مما يبشر باختصار الجدول الزمني المتوقع لانتهاء العالم من هذه الأزمة.