تسجل المملكة في مواجهتها الشرسة مع جائحة فيروس كورونا المستجد، مواقف أقل ما تُوصف به أنها إنسانية ومشرفة، سواء بحق المواطنين والمقيمين، أو بحق العالم، منطلقة في هذا الشأن من ثوابت وقيم تؤكد أن صحة المواطن والمقيم خط أحمر، لا يمكن المساس به، وأن هذه الجائحة لن تمضي وتزول إلا بتحالف دول العالم، وتكاتفها وتآلفها. المملكة منذ بداية الأزمة، قررت أن تتحمل وحدها تبعات الجائحة وتداعياتها على أن يتحملها المواطن أو القطاع الاقتصادي الخاص. وفي مشهد لم يتكرر مثيله في أي دولة أخرى. أنفقت المملكة بسخاء لمواجهة الفيروس، وخصصت ما نسبته 18 % من ميزانيتها العامة (177 مليار ريال) لدعم القطاع الصحي والقطاع الخاص والأفراد، ليس هذا فحسب، وإنما دعمت الجهود الدولية لمكافحة الجائحة بأكثر من نصف مليار ريال، يحدث هذا رغم توقف عجلة الاقتصاد في المملكة، ورغم تراجع عائدات النفط إلى الثلث، ومع ذلك تؤكّد المملكة مجدداً أنها ماضية بالنهج نفسه في مواجهة الجائحة حتى يتم القضاء عليها. صمود الاقتصاد السعودي في مواجهة الأزمة بهذه الآلية حتى هذه اللحظة، يعكس قوته ومتانته، ويؤكّد الجدوى الكاملة لكل برامج ومشروعات رؤية 2030، التي وعدت باقتصاد قوي الأركان، لا يعتمد على دخل النفط، بقدر اعتماده على أنشطة اقتصادية قادرة على تعزيز الدخل القومي للبلاد. ومع استمرار تبعات الجائحة لفترة قد تصل إلى عامين، بحسب ما ألمحت به منظمة الصحة العالمية، فقد يتطلب الأمر اتخاذ عدد من الإجراءات الاقتصادية الحازمة لضمان استدامة المالية العامة، والقدرة على إدارة الاقتصاد الوطني بما يحقق المصالح العامة، إلا أن ما يطمئن حقاً أن أي إجراءات اقتصادية سوف تتخذها المملكة، لن تكون في حدودها الدنيا، ولن تطال النفقات الضرورية، وإنما ستركّز على النفقات الإضافية التي لن تؤثّر في نهاية الأمر على معيشة المواطنين الأساسية. التوجه لاستئناف النشاط الاقتصادي، أمر لابد منه، أقدمت عليه دول العالم، ومنها المملكة، بعد أن استشعرت حتمية أن تواصل عجلة الإنتاج دورانها من جديد، لدعم الاقتصادات، حتى تكون قادرة على الاستمرار في مكافحة الفيروس، بيد أن ما يطمئن حقاً، أن عودة استئناف النشاط في المملكة يتم تدريجياً، ويتبع آليات واشتراطات صحية وفنية، لا تهاون فيها، لضمان سلامة الموظفين والعمال، وبيئة العمل والمجتمع.