أثناء ذهابي إلى عملي شاهدته هناك في الركن البعيد الهادئ وحيدا متقوقعا على نفسه خائفا يترقب ركزت النظر فيه وإذا انبعاث دخان من بين يديه عرفت الأسباب والمشكلة فقررت أن أذهب اليه وكيف لا أذهب اليه فلا ينبغي لمثلي أن أتركه وليس من واجبي وطبعي أن أشاهد مثل هذه الحالة بدون أن أحدث التغير والنصيحة الإيجابية المحفزة لهذا الشاب أمل المستقبل المشرق، توجهت اليه ولما شاهدني قام من مكانه وأطفأ الجريمة والسم القاتل الذي كان بيده برجله ودعس عليها بكل قواه ليقطعها إربا ويدفنها في باطن الأرض ليخفي كل آثارها من الوجود، سلمت عليه فعرفني رغم إنني لم أعرفه لكنه شاب في مقتبل العمر وبعمر وجمال الزهور، قلت له هناك جريمة مكتملة الأركان حدثت هنا قبل قليل .؟ قال حقًا وأنا آسف جدا وبربك أستر علي وأنا لن ولم أكرر ماحدث أبدا وهذه آخر مرة، أعجبني كلامه ورده على قولي واستغرابي، فتفاعل مع الموقف وأحس بخطر فعله، ووضح من كلامه أنه شاب ذكي وشاطر بإمتياز ، قلت لماذا تدخن إذا وترتكب جريمه قاتله في حق نفسك ووالديك. قال أحلف لك أنني لم أكررها وأنا في الصف الثالث المتوسط وتعرفت على صديق لي مدخن في الحارة فشجعني على شرب الدخان وقال لي انه من الكيف والرجولة ،قلت له يابني شاهد أثاره على وجهك وأسنانك ورائحتك فهو من الخبائث والقاتل البطيء وهو سبب للعديد من الأمراض القاتلة وهو أيضا من الإسراف والتبذير في المال والصحة، وأنت يابني شاب طموح مميز جميل بأخلاقك وتعاملك ولك هدف سامي ونبيل تريد الوصول اليه بذهابك الي المدرسة وليس من بين الأهداف تعلم التدخين وإدمانه بل كل العلماء والمعلمين والخبراء والأنظمة وكتب المدرسة يحذرون من التدخين بكافة أنواعه ويصفونه بالقاتل وبالجريمة النكراء لشاب في مثل سنك .فاقتنع ووعدني بالإقلاع عن التدخين نهائيا والابتعاد عن المدخنين كذلك، فشكرته ووعدته بمتابعة الأمر فرحب بذلك، وبعد مدة قصيرة وإذا بالشاب الذي يسلم على رأسي ويشكرني وإذا انه ذاك الشاب وقد تغيرت ملامحه ورائحته من الدخان الي الطيب والعطر الجميل، وقال لي شكرا ان نصحتني وشجعتني ورجعتني الى الطريق الصحيح فجزاك الله خيرا. فدعوت له بالتثبيت، وبعد هذا الموقف أصابتني نشوة وفرحا داخليا وأيقنت بأن الدين النصيحة وأن أفعل الخير ولا أبالي أو أحتار أو أتردد فالتوفيق والهداية بيد الله مسخر الأسباب والمسببات لمن أراد به خيرا،والإنجاز سهل فعله لمن وفق اليه وكانت لديه الرغبة والإرادة.