لليوم الرابع على التوالي، ملأ مئات الآلاف من المتظاهرين شوارع وساحات المدن اللبنانية، مطالبين بإسقاط النظام دون استثناء حزب، ومحاسبة الفاسدين في أقرب وقت ممكن دون ترك مجال لهم للهرب خارج البلاد، فيما ساندهم أفراد الجالية اللبنانية في باريس، إذ خرجوا تحت الأمطار في تظاهرات سلمية داعمة للحراك الداخلي. وقالت مصادر، إن هناك توافقاً بين فرقاء لبنان على المبادرة الاقتصادية لرئيس الوزراء سعد الحريري لإنقاذ الوضع وتحسين الحالة المعيشية، إذ بينت التسريبات أن المبادرة تضمنت خفض رواتب جميع الوزراء، وإلغاء مخصصات النواب والوزراء، وإلغاء الصناديق "المهجرين والجنوب والإنماء والأعمار"، ووضع سقف لرواتب ومخصصات اللجان لا يتعدى 10 ملايين ليرة لبنانية، كما تضمّنت خفض رواتب المديرين العامين على ألا تتجاوز 8 ملايين ليرة، ورفع رواتب القضاة بحد أقصى 15 مليون ليرة. وعلى الرغم من الورقة الإصلاحية، أعلنت الوكالة الوطنية للإعلام نقلاً عن جمعية المصارف اللبنانية قولها، إن جميع البنوك ستظل مغلقة اليوم (الإثنين) بسبب الاحتجاجات، حسبما ذكرت "رويترز". وأصدرت جمعية المصارف اللبنانية، بياناً أعلنت فيه أن "أبواب المصارف ستبقى مقفلة الاثنين، على أمل أن تستتب الأوضاع العامة سريعاً في ضوء المساعي الدؤوبة التي تبذلها مختلف السلطات"، فيما أعلن المجلس التنفيذي في اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان، تأييده للحراك الشعبي الذي انطلق الخميس الماضي وانتشر في كل المناطق اللبنانية، بمشاركة كل فئات وأطياف المجتمع اللبناني، معتبراً أن هذا الحراك ردة فعل عفوية لسياسات اقتصادية خاطئة تبنتها الحكومة منذ إقرار موازنة عام 2019 ولا تزال تتبعها متجاهلة الواقع الاجتماعي للشعب اللبناني الذي أصبح بأكثريته تحت خط الفقر والمعاناة. وأكدت وكالة الأنباء اللبنانية، أمس، توافد أعداد من المتظاهرين إلى ساحة رياض الصلح في بيروت بصورة أكبر من الأيام الماضية، إذ تواجد التظاهرون في كل مناطق لبنان واعتصامات في بعض البلدات، وتم نصب بعض الخيام في ساحة رياض الصلح، إذ أكد المعتصمون مواصلة التظاهر لليوم الرابع على التوالي، والمبيت في الشوارع. يأتي ذلك فيما احتفل المتظاهرون في جل الديب، بعدما أعلن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع استقالة وزرائه (نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني، وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، وزيرة الدولة مي شدياق، ووزير العمل كميل أبو سليمان) من الحكومة، وقال جعجع: "إن التحديات التي تواجهها البلاد غير مسبوقة. لم نلمس أي نية جدية من المسؤولين اللبنانيين لمعالجة الأزمات. ولا ثقة لدينا بقدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات". وأضاف "حزب الله متخوف جداً وقسم من قاعدته خرج عليه"، محملاً الحزب مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، مشدداً على أن "موقف القوات اللبنانية يقوم على التنسيق مع سعد الحريري للتوصل إلى حكومة تكنوقراط". وأشار جعجع إلى أن "أي تغيير جذري في لبنان يبدأ بتشكيل حكومة جديدة"، موضحاً أن "المشكلة ليست في النظام السياسي اللبناني بل بالأكثرية الحاكمة". وأعلن حراك العسكريين المتقاعدين المشاركة بالاعتصام، ودعا كل اللبنانيين خاصة العسكريين المتقاعدين وعائلاتهم للمشاركة، أمس، باعتصام مركزي في ساحة الشهداء، وكذلك أعلن اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان تأييده للحراك الشعبي، كما أعلن "الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين"، استمراره "في دعم التحركات والمشاركة الفاعلة في الاعتصامات حتى تحقيق مستوى معيشي لائق للمواطنين، وعدم فرض أي أعباء إضافية عليهم، ومستمرون حتى تتوافر أطر متخصصة لمعالجة هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة في البلاد". وتواصلت التظاهرات في بيروت وطرابلس وصيدا وصور والنبطية وبعلبك وغزير وجل الديب وغيرها من المناطق. وقرر المحتجون في مختلف المناطق المبيت في الشوارع. فيما قضت محكمة في لبنان، بإطلاق سراح جميع الموقوفين على يد قوات الأمن أثناء الاحتجاجات في وسط العاصمة بيروت، بينما قال رئيس حزب "الكتائب" اللبناني، سامي الجميل، إن الشعب اللبناني بكل طوائفه يقلب الطاولة على التبعية والتجارة بالسياسة، مؤكداً أن لا أحد يمكنه الوقوف بوجه الشعوب.