حول ما يزيد على 40 فنانا وفنانة ساحة بيت نصيف بالمنطقة التاريخية بجدة إلى مرسم فني مفتوح على مدار الثلاثة أيام الماضية، وذلك ضمن أعمال الورشة الفنية التي تنظمها أمانة محافظة جدة تحت عنوان "حجازيات1" ويقوم خلالها كل فنان مشارك برسم لوحة فنية بهدف اكتشاف الملامح الجمالية للعمارة الحجازية وترجمتها على لوحات بلغة شاعر وعرضها على المجتمع بأسلوب معاصر، بالإضافة إلى تعريف المجتمع بمكامن الحسن ومواطن الإبداع بالمنطقة التاريخية بجدة. يشارك في الورشة التي تأتي تحت رعاية معالي الأمين المهندس عادل بن محمد فقيه وتنظمها إدارة التصميم الحضري وتصميم المناطق المفتوحة حول العمارة الحجازية مجموعة من الفنانين التشكيليين والمعماريين، إلى جانب عدد من الشخصيات العامة وأساتذة العمارة بجامعتي الملك عبد العزيز وأم القرى. أوضح الدكتور أشرف تركي - مدير عام إدارة التصميم الحضري وتصميم المناطق المفتوحة بالأمانة - أن فريق العمل المشارك في الورشة قام بجولة ميدانية في المنطقة التاريخية استكشفوا خلالها ملامح الجمال في العمارة القديمة، وتعرفوا عن قرب على عناصر الإبداع والجمال الفني والمعماري في العمارة الحجازية ليستطيع كل فنان من المشاركين التعبير عنها في لوحته الفنية، مشيرا إلى أن الورشة تهدف إلى اكتشاف الملامح الجمالية للعمارة الحجازية بعين فنان وترجمتها على لوحات بلغة شاعر وعرضها على المجتمع بأسلوب معاصر، بالإضافة إلى تعريف المجتمع بمكامن الحسن ومواطن الإبداع بالمنطقة التاريخية بجدة، مع فتح باب الحوار لمناقشة فكر معماري ورؤية فنان وثقافة مجتمع. وقال إن العمارة الحجازية بالمنطقة الغربية بالمملكة وبصفة خاصة في جدة كانت ولا تزال متحفاً مفتوحا لإبداعات تراكمت عبر العصور لتكون في مجملها لوحة فنية غنية بملامح جمالية صنعها الدمج الفريد ما بين الفكر المعماري الذي تعامل مع البيئة المحلية بحكمة ومهارة البناء التي تفهمت مواد البناء المتوفرة، وطوعتها بأسلوب يحقق الوظيفة المنشودة والإبداع الفني الذي أطلق لها العنان ضمن إطار الشريعة السمحاء لينتج عن ذلك مفردات معمارية حققت وظائف حاكتها ثقافة مجتمعية نابعة من الحضارة الإسلامية فتكونت بذلك لغة جمالية نادرة. وأضاف تركي أنه على الرغم من تركيز العديد من الدراسات والأبحاث والمشاريع على استكشاف هذه الملامح الجمالية وترجمة تلك اللغة، إلا أن هناك العديد من الملامح والقيم الفنية والخصائص المعمارية التي لا تزال في حاجة إلى الاكتشاف والإظهار والتعامل معها بأسلوب تحاوري يتيح الفرصة لرؤية حديثة لفن عتيق. ومن جانبه أكد الفنان طه الصبان أن ورشة عمل الفنانين حول العمارة الحجازية فرصة لكل الفنانين للاحتكاك بالعمارة القديمة وتأصيلها بعمل فني يوضح خفايا هذا الفن المعماري الجميل الذي لا زال يزين وجه العروس، مشيدا بفكرة خروج الفنان من مرسمه إلى الواقع الاجتماعي في وسط البلد، لافتا إلى أن مدينة جدة تتسم بتميز في المنطقة الغربية يوجب الحفاظ عليها. وقال إن هذه الورشة بمثابة رسالة للحفاظ على هذه العمارة المميزة التي تعبر عن ماضينا خاصة أنها بدأت تشهد تدهورا في ظل تعاقب أجيال جديدة لا تعرف كثيرا عن تاريخ جدة وعمارتها، مؤكدا أن ما يقوم به الفنانون التشكيليون ليس عملية تدوين لجمال وإبداع العمارة الحجازية، وإنما عملية إبداعية لإبراز هذه العمارة بطريقة إبداعية. وأشار الفنان ربيع الأخرس إلى أن العمارة في حد ذاتها فن ولكنها تستخدم بشكل مادي، موضحا أن أجدادنا عندما قاموا بهذه العمارة لم يقصدوا بها أن يبنوا شيئا تراثيا، وواجبنا الآن أن نبني تراثنا بعد أن نهضم ما نقله أجدانا لنا. وأكد الدكتور هشام مرتضى - أستاذ العمارة بجامعة الملك عبد العزيز - أن العمارة التاريخية لا يمكن الحفاظ عليها إلا إذا وعى أهل جدة أهمية هذا التراث وضرورة الحفاظ عليه، مبينا أنه ليس هناك للأسف الشديد تأصيل لتاريخ المدن للأجيال الجديدة، إلا من خلال بعض الصور والدراسات.. ولفت إلى أن جدة تتمتع بتاريخ وتراث عريقين ينبغي الحفاظ عليهما سواء عن طريق عمل مسح شامل لجميع المساقط أو بواسطة الأفلام التاريخية أو من خلال الرسم.