توقعت مؤسسة النقد العربي السعودي تحسنا واضحا في اقتصاد المملكة العام الحالي رغم التباطؤ الاقتصادي العالمي وتأثيره المحتمل على سوق النفط العالمية، لافتة في تقرير لها إلى أن الاقتصاد السعودي حقق نموا 2.2 %، بحلول عام 2018 بعد الانكماش في عام 2017، مما يؤكد قدرته على تجاوز التحديات الاقتصادية العالمية والثقة في النمو . ويعود التحسن إلى ارتفاع المداخيل النفطية بالتوازي مع نمو القطاع غير النفطي بوتيرة أسرع ، وأفاد التقرير بأن من المتوقع أن تحفز السياسة المالية التوسعية استمرار النمو، إذ تضمنت ميزانية عام 2019 زيادة كبيرة في الإنفاق الرأسمالي بواقع 245 مليار ريال (65.3 مليار دولار). واشار التقرير إلى أن الإيرادات غير النفطية بلغت 287 مليار ريال، فيما زاد الإنفاق الحكومي 11%، إلى تريليون ريال في 2018. كما توقعت ساما أن يواصل النظام المصرفي تلبية الطلب على الائتمان، حيث يستمر النمو الاقتصادي. وساعد الانتعاش الطفيف بالنشاط الاقتصادي في تعزيز مرونة النظام المصرفي ، الذي شهد طفرة في عام 2018. وكان نمو الأصول مدفوعًا بشكل رئيسي بالتوسع في ائتمان القطاع الخاص. وكانت وكالة بلومبرغ الأميركية قد كشفت في تقرير لها أن بوادر تحسن الاقتصاد السعودي غير النفطي بدأت في الظهور بشكل جلي. وطبقا لمراسلة الوكالة في منطقة الخليج ، زادت القروض المصرفية للشركات الخاصة خلال الربع الأول من العام الحالي بأسرع وتيرة لها منذ 2016، في حين سجَّل مؤشر قياس النشاط الاقتصادي ارتفاعات خلال أغلب شهور العام الماضي. كما تحسن الإنفاق الاستهلاكي. وفي حين تعتبرالمملكة أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، تسهم قطاعات الاقتصاد غير النفطية في العامين الأخيرين بنصيب متزايد في الدخل الوطني ، كما تعتبر هذه القطاعات المحرك الرئيسي لتوفير الوظائف في المملكة في الوقت الذي يسعى فيه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إعادة هيكلة الاقتصاد بشكل كامل. تنفيذا لأهداف رؤية 2030 ، وهناك مقياس آخر لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، يتمثل في الاستثمار الأجنبي ، إذ أظهرت بيانات منتدى الأممالمتحدة للتجارة والتنمية ارتفاعه من 1.5 مليار دولار إلى 3.5 مليار دولار في 2018، وهناك تطلعات بأن يبلغ 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030. وتعد سوق الأسهم السعودية إحدى مؤشرات التقدم في نتائج الاصلاح وبرنامج التحول الوطني لتنويع مصادر الدخل غير النفطية ، ويشير محللون اقتصاديون إلى أن البيانات بدأت ترسم صورة أكثر إيجابية حيث تتوقع نمو القطاعات غير النفطية بنسبة 2.7% خلال العام الحالي وهو أعلى معدل نمو لها منذ 4 سنوات، مؤكدين أن العام الحالي 2019 سيشهد نموا أكبر مشيرين إلى فائض الميزانية في الربع الأول بنحو بقيمة 27.8 مليار ريال. ومؤخرا جددت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، تصنيف اقتصاد المملكة على (+A) مع نظرة مستقبلية مستقرة ، كما رفعت الوكالة تقديراتها للنمو . وتعكس هذه التقديرات الإيجابية الثقة في اقتصاد المملكة، والخطوات التي اتخذتها في إطار برنامج تحقيق التوازن المالي وصولاً إلى مستهدفاته العام 2023م. وكان صندوق النقد الدولي قد توقع في ابريل الماضي ارتفاع النمو الاقتصادي للمملكة في 2019 عن تقديراته السابقة. ورحبت وزارة المالية بالبيان الصادر عن بعثة خبراء الصندوق التي زارت المملكة لمشاورات المادة الرابعة خلال شهر مايو الماضي – أي قبل اسابيع قليلة- حيث أفاد بأن الخطوات الاقتصادية في المملكة حققت نتائج إيجابية، وأسهم الاقتصاد غير النفطي في تحسن الموارد، متوقعاً أن يتسارع النمو الاقتصادي غير النفطي الحقيقي بنسبة 2,9% في العام 2019، مفيداً أن زيادة الإنفاق الحكومي وتنفيذ الإصلاحات دعما النمو الاقتصادي. ونوه صندوق النقد بالتحسن في إدارة الانفاق الحكومي وبشفافية المالية العامة، مؤكداً وجوب استمرارهما، متطرقاً إلى الإصلاحات التي تهدف إلى تقوية عملية إعداد الميزانية العامة للدولة، وتطور إطار المالية العامة متوسط الأجل، متناولاً نظام أتمتة إدارة النفقات (اعتماد)، الذي يسهم في تحسين وتحقيق كفاءة الإنفاق وشفافية المالية العامة،كما أشاد بالتقدم في السوق المالية، التي تُوجت بإدراج السوق السعودية في مؤشرات أسواق الأسهم والسندات العالمية، وتوسيع نطاق منحنى عائد السندات الحكومية ليشمل آجال الاستحقاق الطويلة، مما يسهم في تنمية القطاع المالي. وكان وزير المالية محمد الجدعان قد قال إن التصنيف يؤكد تحقيق حكومة المملكة تقدماً جيداً في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، خاصة في ظل النتائج الإيجابية للتقرير الربعي الأول لأداء الميزانية العامة للعام الجاري 2019م، مشيراً إلى أن بيان الصندوق يعكس كذلك الجهود التي تقوم بها المنظومة المالية في تطوير القطاع المالي في المملكة ليحقق الأهداف الاستراتيجية للرؤية ، فيما أكدت مؤسسة "ذا بانكر" العالمية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية، أن التفاؤل يسود مجتمع الأعمال المحلي والعالمي بتنفيذ المملكة لبرنامج التحول من الاقتصاد النفطي إلى اقتصاد متنوع المصادر تحقيقا لرؤيتها ، كما قطعت المملكة خطوات فعلية في مجابهة نسبة البطالة من خلال توفير مئات الآلاف من فرص العمل وتقديم إعانات للعاملين بالقطاع الخاص.