نجح جهاز المخابرات الوطني العراقي، في تفكيك "أكبر مجموعة تمويل لتنظيم داعش الإرهابي في تاريخ العراق"، وبحوزتها مئات ملايين الدولارات. وأكد بيان للجهاز تلقته وكالة الأنباء العراقية، أن "المجموعة متشعبة ومتفرعة في دول متفرقة من العالم وتم تفكيك أكبر مجموعة تمويل لداعش في تاريخ العراق"، مشيرة إلى أن الشبكة تعتمد في تمويلها على "مكاتب ومحال متنوعة، وبأسلوب معقد، بغرض التمويه والتشويش على متابعة حركة أموالها". وفي إطار العملية الأمنية، ألقى جهاز المخابرات القبض على 15 عراقيا و20 فرنسيا. ونقلت وسائل اعلام عراقية عن مصدر مطلع رفض الكشف عن هويته، بأن التحقيقات التي قام بها جهاز المخابرات مع الفرنسيين الدواعش، قادت إلى كشف خيوط الشبكة، التي تضم 15 عراقيا ينتمون للتنظيم. وأشار إلى أنه كان بحوزة العراقيين المعتقلين أكثر من من 500 مليون دولار أميركي يستخدمونها في عمليات استثمار، كغطاء لتمويه عمليات تمويل نشاطات التنظيم. وكان جهاز المخابرات العراقي قد أعلن في وقت سابق أنه نفذ عملية أمنية وسط بغداد، قادت إلى اعتقال شبكة من "المزورين والمنتحلين لصفات عدة وبحوزتهم أموال طائلة"، من دون أن يكشف مزيدا من التفاصيل. وفي نهاية 2017، أعلنت بغداد النصر على تنظيم داعش الإرهابي بعد استعادة غالبية الأراضي العراقية من قبضة مسلحيه، لكن التنظيم احتفظ ببعض الجيوب، خاصة في المناطق الصحراوية والنائية. هذا فيما باتت قضية مقاتلوا داعش الأجانب، الذين جرى توقيفهم شمالي سوريا، محور أزمة كبيرة، بعد رفض دولهم عودتهم كوباء ينفر منه الجميع خشية تأثيره على أفكار الآخرين ومعتقداتهم. فعودة الإرهابيين وعائلاتهم تطرح مخاوف لدى السلطات الأمنية في الدول الغربية، إذ يرى مسؤولون أمنيون أنهم تلقوا تدريبات وحصلوا على مهارات وقدرات تجعلهم يشكلون خطرا أمنيا كبيرا. كما تخشى السلطات الغربية من غضب شعبي من السماح لهؤلاء الإرهابيين بالعودة خاصة الذين لم يعبروا عن الندم. وبحسب مسؤولين أكراد، فيقدر عدد الإرهابيين الدواعش المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية بنحو 800 إرهابي، يضاف إليهم 1500 طفل و700 زوجة ويمثلون جميعهم قنابل موقوتة، وسط تخوف من هروبهم خلال أي هجوم على المنطقة الكردية. وترفض السلطات الكردية المحلية في سوريا محاكمة مسلحي داعش الأجانب المحتجزين لديها، وتطالب بإرسالهم إلى دولهم، بينما تبدي الدول الغربية ترددا إزاء استعادتهم خوفا من رد فعل سلبي من الرأي العام فيها. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد طالب في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، ألمانياوفرنساوبريطانيا ب"استعادة أكثر من 800 من إرهابيي داعش تم أسرهم في سوريا، وتقديمهم للمحاكمة"، مهددا بأن الولاياتالمتحدة ستضطر إلى إطلاق سراحهم في حالة عدم استردادهم. وأضاف: "الولاياتالمتحدة لا تريد أن ترى مسلحي داعش وهم يتغلغلون في أوروبا، حيث من المتوقع أن يتوجهوا". ثم ان واشنطن نفسها التي دعت الدول الأوربية إلى تسلّم مواطنيها، رفضت عودة الإرهابية هدى مثنى إلى بلادها مرة أخرى. وقال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، في تغريدة نشرها على حسابه الشخصي بموقع "تويتر" :"لقد أصدرت تعليمات لوزير الخارجية مايك بومبيو، وهو يوافقنى تماماً، بعدم السماح لهدى مثنى بالعودة إلى البلد". ووفق وسائل إعلام فإن مثنى، من ولاية ألاباما الأمركية، سافرت إلى سوريا قبل 5 سنوات للالتحاق بتنظيم داعش، وتزوجت من 3 رجال، وتقول إنها نادمة على ما فعلته وتتوسل أن يسمح لها بدخول أمريكا مجددا. في غضون ذلك وتعقيبا على تصريحات ترامب، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، في تصريحات متلفزة، إنه "سيكون من الصعب للغاية تنفيذ ذلك". وتابع: "عودة هؤلاء ستكون ممكنة فقط إذا ضمنا أن يمثلوا أمام القضاء فور عودتهم، ويكونوا رهن الاحتجاز". وكانت صحيفة "بيلد" الألمانية واسعة الانتشار، قد نقلت الأسبوع الماضي عن مصادر لم تسمها، أن عدد عناصر داعش الألمان المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية، شمالي سوريا، يتخطى ال40 مسلحًا، فضلا عن 80 طفلا ولدوا معظمهم في الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم. ووضع وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر شروطا أمام استعادة برلين مقاتليها المنخرطين في صفوف "داعش"، والمحتجزين في سوريا.وفي تصريحات لصحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية الخاصة قال زيهوفر: "لتحقيق المصالح الأمنية لبلدنا، لا بد للحكومة الاتحادية أن تضع شروطا لإتمام عملية استعادة المقاتلين الحاملين للجنسية الألمانية والمحتجزين في سوريا". وأوضح أن "كل حالة يجب أن تفحص على حدة، قبل أن يوضع الشخص في الطائرة التي ستقله لألمانيا". وأكد ضرورة "معرفة هوية كل مقاتل بشكل كامل، والتأكد من أنه لا يمثل خطرا أمنيا". وأضاف وزير الداخلية الألماني: "لا بد أن تكون الاتهامات الموجهة لكل مقاتل واضحة قبل استعادته، وأيضا يجب أن تكون الأدلة التي تملكها الدول الأخرى ضده معروفة لنا". ومضى قائلا: "لا بد من منع مقاتلي داعش من حاملي الجنسية الألمانية، الذين ارتكبوا جرائم كبيرة إبان قتالهم في صفوف التنظيم من التحرك بحرية في بلادنا". وتابع: "لا نريد أن نستعيد أشخاصا خطرين قبل أن نتأكد بشكل كامل من إمكانية احتجازهم في ألمانيا فور وصولهم، يجب أن تكون صادرة بحق كل مقاتل ارتكب جرائم خطيرة مذكرة توقيف من القضاء الألماني قبل استعادته". وتعد فرنسا من بين أكثر الدول قلقاً من عودة الأجانب المنضمين لصفوف داعش إلى بلدانهم، إذ شهدت سلسلة من الهجمات التي كان وراءها تنظيم داعش، ومن بينها الهجوم الدامي في باريس في نوفمبر 2015 الذي أدى إلى مقتل 130 شخصاً. ووفق مصادر أمنية فرنسية، فإن باريس يمكن أن تستعيد 130 شخصاً، فيما تحدثت وسائل إعلام محلية عن أن هؤلاء يشملون 70 إلى 80 طفلاً يحتجزون مع أمهاتهم. وتقضي سياسة الحكومة الفرنسية برفض استعادة الإرهابيين وزوجاتهم رفضاً قاطعاً، وأشار إليهم وزير الخارجية جان إيف لو دريان باعتبارهم "أعداء" الأمة الذين يجب أن يمثلوا أمام العدالة سواء في سوريا أو العراق. وقالت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبي إن بلادها لن تتخذ أي إجراء في الوقت الحالي لاستعادة المئات من مقاتلي داعش، موضحة أن فرنسا ستعيد المقاتلين على أساس مبدأ "كل حالة على حدة". وأضافت بيلوبي، في تصريحات متلفزة: "هناك وضع جيوسياسي جديد في ظل الانسحاب الأمريكي. ولن نغير سياستنا في الوقت الحالي.. لن تستجيب فرنسا في هذه المرحلة لمطالب ترامب". بدورها اكدت بريطانيا أنها لن تقبل عودة عناصر داعش، وشددت على ضرورة محاكمة المسلحين الأجانب في المكان الذي ارتكبوا فيه جريمتهم. وكانت الواقعة الأشهر الفتاة البريطانية الشهيرة ب"عروس داعش" التي انضمت إلى تنظيم داعش الإرهابي منذ 4 سنوات قبل أن تفر من ويلات الحرب. وقالت أسرتها إنها "أنجبت طفلا في مخيم للاجئين السوريين"، مطالبة لندن بإعادتها مع طفلها، غير أن الداخلية البريطانية أسقطت عنها الجنسية رافضة عودتها. وقال وزير الأمن البريطاني بين ووليس، في تصريحات سابقة، إن حكومة بلاده لن "تخاطر بأرواح مواطنيها لاستعادة الدواعش المحتجزين في سورياوالعراق". كما أكد وزير الداخلية البريطاني ساجيد جاويد أنه "لن يتردد" في منع عودة البريطانيين المنتمين ل"داعش"، وقال: "بصفتي وزيرا للداخلية، فإن أولويتي هي ضمان سلامة وأمن هذا البلد ولن أسمح بتعريضه للخطر". اما المتحدث باسم رئيس الوزراء الدنماركي مايكل ينسن أعلن، رفض بلاده استقبال مقاتلي داعش، قائلا إن "الحديث يدور عن أخطر أشخاص في العالم، ولذا لا ينبغي لنا أن نستقبلهم". وأشار ينسن إلى أن قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا الذي أعلن عنه في ديسمبر الماضي، سابق لأوانه، لأن الوضع في البلاد لا يزال غير مستقر. وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعا مدمرا تسبب في مقتل أكثر من 360 ألف شخص ودمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.