تحت يافطة شعارات تروج للاعتدال في ظاهرها، وتؤسس في باطنها لأجيال من التطرف والانقسام في مجتمعات، لم تستوعب بعد مخاطر الازدواجية بين الخطاب والأدبيات، يعمل تنظيم الإخوان المسلمون الإرهابي على تمزيق جسد القارة العجوز. فالرابطة الإسلامية بالسويد، إحدى أذرع التنظيم العالمي لجماعة الإخوان الإرهابية في أوروبا، تعد خير مثال على الاختراق الأخطبوطي للتنظيم للقارة العجوز وللبلد الأوروبي، حيث يستعد لتنظيم مؤتمره السنوي فيه بعد أيام. وتدخل الرابطة بمؤتمرها الذي انطلق، أمس “السبت” بالعاصمة ستوكهولم، عامها ال38، لتكتب بذلك صفحات جديدة في سجل الإخوان الإرهابي. ورغم تنصل الرابطة الاخوانية في عمقها، من التنظيم الذي يحظى بسمعة سيئة في أوروبا، حشدت لمؤتمرها مجموعة من قيادات التنظيم العالمي، باحثة عن بهرج إعلامي يمنحها تأشيرة التغلغل في المجتمع المزروعة فيه. فثمة تغلغل، يجري بطيئا ما يجعله صعب الملاحظة حتى من قبل سلطات البلاد المخدوعة بخطاب ديني معتدل، يبعد عن توقعاتها أن الرابطة يمكن أن تكون ذراعا لتنظيم إرهابي يشكل خطراً على وحدة وتماسك المجتمع. فلطالما ارتفعت أصوات الخبراء والمحللين عاليا، تحذر من مخاطر سموم الرابطة على المجتمع السويدي وقيمه، عبر سعيها لخلق تكتل بشري يعزل أعضاءه عن ثقافة الأغلبية، ويتقوقع داخل الأفكار المتطرفة ما يسهل على الجماعة استغلاله والتحكم فيه. وفي هذا الإطار، يندرج المؤتمر السنوي الحالي للرابطة، والذي يختتم اليوم الأحد”، ليبث سموم المتدخلين فيه من قيادات التنظيم العالمي الإرهابية المشبعة تطرفا وراديكالية بالمجتمع السويدي. ومن بين القيادات الإخوانية، التي ستخاطب المؤتمر التخريبي للرابطة السوداني عصام أحمد البشير، والمصري خالد حنفي، بالإضافة إلى سعيد القاضي والإرهابي مصطفى عيسى. وفي مسعاها لعزل مسلمي السويد عن مجتمعهم، تعمل الرابطة الإخوانية عبر مؤتمراتها ومدارسها المختلفة على تقويض القيم الأوروبية في صفوف المسلمين السويديين، ما يبعدهم أكثر عن الاندماج في مجتمعاتهم المحلية. وتبدأ عملية الإبعاد الإخوانية بهدم قيم حرية التعبير والمساواة بين الجنسين، وصولاً إلى استقطاب أبناء الجاليات الإسلامية وتلقينهم الفكر المتطرف. ويأتي تنظيم المؤتمر ال38 للرابطة، وسط تحذيرات متواصلة من محاولات جماعة الإخوان اختراق نسيج المجتمع السويدي، فالجماعة وغيرها من المنظمات التابعة لها تعمل بدأب على اختراق سياسات الأحزاب السويدية. وحذرت دراسة أجرتها أيه كارلبو، أستاذة الأنثروبولوجيا الاجتماعية بجامعة مالمو، بتكليف من هيئة الحماية المدنية والتأهب، في مارس الماضي، من خطورة الرابطة وغيرها من المؤسسات التي تتمتع بشرعية العمل داخل السويد، وتحصل على تمويل حكومي، على وحدة وتماسك المجتمع وقيمه الحديثة. وقالت الدراسة: إن سعي هذه المنظمات لعزل مسلمي السويد وأوروبا يشكل تهديدًا لوحدة نسيج المجتمع، ويضع كل ما هو إسلامي في مواجهة مع كل ما هو مختلف. وتأتي الدراسة بعد نحو عام من نشر وكالة الطوارئ المدنية التابعة لوزارة الدفاع السويدية تقريرا في مارس 2017، يحذر من محاولات خلق الإخوان الإرهابية لمجتمع موازٍ بمساعدة النخب السياسية، التي تدعم سياسات الصمت على أنشطة الجماعة. وأوضحت الوكالة، أن الجماعة الإرهابية عملت سرا على اختراق المجتمع المدني في السويد؛ عبر المنظمات والأحزاب السياسية. فالتطرف الذي تبثه الرابطة الإخوانية بالمجتمع السويدي، كان لابد وأن ينتج فكرا على الشاكلة نفسها، وهذا ما تجلى من خلال انتشار الفكر الداعشي المتطرف في صفوف عدد من شباب السويد. ووفق مصادر متطابقة، التحق أكثر من 132 سويديا بتنظيم “داعش” الإرهابي، معظمهم درسوا في مدارس الرابطة، وتتلمذوا على أيدي كوادر الجماعة الإرهابية. ففي نوفمبر 2014، قال منشق عن “داعش”، في تصريحات لإعلام نرويجي: إن للتنظيم ممثلين في السويد ودول أخرى، بالإضافة إلى خلايا نائمة في أوروبا ينتظرون الأوامر للتحرك. وبحسب خبير الإرهاب السويدي، ماغنوس رانستورب، فإن المخابرات السويدية على علم بوجود “داعش” في البلاد، مشيرا إلى أن هناك من يقوم بعملية التجنيد ويعمل لصالح التنظيم بطريقة أو بأخرى.