كانت رائحة الموت في مينجورا البلدة الرئيسية في منطقة وادي سوات بباكستان التي تشهد صراعا تنبعث من جيف الكلاب المهجورة او الضالة التي ماتت من الجوع. ويقول نزار خان وهو أحد السكان اصطحب أسرته خارجا يوم الاحد حين رفع الجيش حظرا للتجوال بعد يوم من إعلان خضوع البلدة لسيطرته الكاملة "ليس هناك شيء لنأكله لا مياه ولا كهرباء ولا غاز ولا هاتف ولا مستشفى." وأضاف خان أنه لم يعد هناك قتال الآن في مينجورا وأن معظم عناصر طالبان فروا منذ اكثر من أسبوع حين وصلت القوات للمرة الأولى وخاضت معارك شوارع مع المقاتلين الاشداء القلائل الذين تبقوا. وألغى الجيش زيارة مقررة لوسائل الإعلام الاثنين ولا تزال البلدة الى حد كبير مغلقة امام الأشخاص الذين كانوا يريدون الدخول. وقال مسؤول أمني عند نقطة تفتيش في دارجاي وهي بلدة صغيرة على بعد نحو 55 كيلومترا جنوب غربي مينجورا "نحن لا نسمح الا بدخول مواد الإغاثة." وتم توسيع نطاق الهجوم ليشمل سوات في بداية مايو بعد أن سارع الجيش الى التحرك قبل ذلك بأسبوعين حين انتقلت عناصر طالبان الى وادي بونر على بعد 100 كيلومتر فقط شمال غربي اسلام اباد. والقتال مستمر في مناطق أخرى بالوادي الذي كان يشتهر بجمال جباله وقد أعلن الجيش أن 18 متشددا وجنديين قتلوا في الساعات الاربع والعشرين الماضية. ووضع الجيش 15 الف جندي مدعومين بالمدفعية والقوة الجوية في مواجهة قوة من المتشددين جرى تقديرها في البداية بنحو خمسة آلاف فرد لكن العدد انخفض فيما بعد الى الفين من المقاتلين الأشداء. وليست هناك تقديرات مستقلة للخسائر البشرية لكن الجيش يقول إن اكثر من 1230 متشددا لاقوا حتفهم بينما فقد هو اكثر من 90 فردا منذ بدء القتال. وفر معظم سكان مينجورا البالغ عددهم 300 الف بعد أن طلب منهم الجيش الخروج قبل شن العمليات. ومكث نحو 50 الفا من بينهم خان وزوجته وابناؤه الخمسة في اماكنهم وعانوا من اوجه الحرمان التي تعانيها مدينة محاصرة. وقال خان وهو يضع طفلا عمره ستة اشهر في حجره بينما كان يعدد الظروف المروعة ومحنة رحلته المضنية الى الأمان في ماردان وهي مدينة في السهول "مخزونات المتاجر الصغيرة الموجودة في الشوارع التي لم تكن تبيع الا العدس نفدت ايضا." وأشار خان الى أن "الكلاب الضالة والحيوانات الأليفة الأخرى ماتت من الجوع. من الممكن رؤية جيفها في الشوارع... الرائحة في كل مكان." ويقول مسؤولون إن ما يقدر بنحو 2.4 مليون شخص نزحوا بسبب الصراع في سوات والمناطق المتاخمة مما دفع منظمة الأممالمتحدة الى التحذير من أزمة انسانية. وتم توفير المأوى لما يصل الى 90 في المئة ومنهم أسرة خان من قبل الاصدقاء والاقارب بينما تكدس الباقون في مخيمات ببلدات مثل ماردان وسوابي. ويقول عمال إغاثة إن مدنيين كثيرين أصيبوا في القتال وماتوا اثناء محاولتهم الوصول الى مكان آمن. وقال فاضل تيزارا رئيس منظمة اطباء بلا حدود بلجيكا في باكستان "الكثير من الناس أصيبوا في القتال لكن ليست هناك خدمات طبية في مناطق كثيرة مثل مينجورا." وأضاف تيزارا "المصابون يحاولون الوصول الى أقرب مستشفى في تيميرجارا لكن هذه رحلة شاقة تستغرق سبعة ايام عبر الجبال والناس يموتون في الطريق وجثثهم مسجاة هناك" مشيرا الى البلدة الرئيسية في دير السفلى وهي منطقة تقع الى الغرب من سوات. وقال صحفي من رويترز زار مينجورا لفترة قصيرة يوم الاحد إن بلدته لم تعان من أضرار مادية كبيرة وذكر جيران أن الخسائر البشرية بين المدنيين قليلة نسبيا. ويقول جنيد خان "لحقت أضرار بنحو 12 مبنى ومضخة بنزين وما بين ثمانية وعشرة متاجر." ويجري نقل الإمدادات الغذائية للأسر المحاصرة كما وصلت فرق طبية. وإمدادات الغاز متوفرة في البلدة لكن شبكة الكهرباء بحاجة الى إصلاح ويقول الجيش إن استعادة الخدمات ستستغرق نحو اسبوعين. وقال عظيم خان مفوض الإغاثة بالإقليم الحدودي الشمالي الغربي إن السلطات ستعطي الضوء الأخضر للأسر النازحة كي تعود متى يتسنى لها التأكد من توافر الاحتياجات الأساسية للحياة والأمن. وتم تخفيف حظر للتجوال في بعض أجزاء وادي سوات لكن بعض الناس ما زالوا محاصرين في معاقل للمتشددين مثل ماتا القاعدة الرئيسية لفضل الله قائد طالبان.