ليس المقصود من العنوان الحديث عن دولية شركات التأمين، بل هو عن تعدي تغطية التأمين حدود القطر مصدر عقد التأمين. بالنسبة لدولية شركات التأمين فهذا حاصل، وعديد من الشركات فإما وكلاء إعادة تأمين لشركات أجنبية ووكلاء بيع، أو شركاء مع شركة أجنبية، أو أنها أجنبية من حيث التسجيل في الخارج. موضوع المقال هو إمكانية الاستفادة من تأمين محلي دوليا بشراء تغطية دولية من شركة محلية. الجواب هو نعم بالإيجاب من ناحية المبدأ، لكن مع تفاصيل بين الدول من حيث الإمكانية أو الجدوى والفعالية. إذا أردنا الاستفادة من الخدمات الصحية بين الدول العربية وتكاملها عند انتقال الأفراد بين الدول في سياحة وتعليم وعمل وإقامة فلا بد وأن يعمم نظام تأمين صحي في كل دولة منها، وأن يكون تأمينا فعالا في داخل دوله، قبل أن ينظر في إمكانية تغطية ذلك التأمين العلاج خارج قطره سواء بحالته أو بملحق اشتراك إضافي. تتفاوت الدول العربية للأسف في مستوى العلاج والخدمات الصحية وفي مستوى المعيشة والدخل. في داخل البلد الواحد هناك تفاوت شاسع بين المنشآت العلاجية وبعضها. عليه تختلف عقود التأمين بين الدول العربية في قيمة اشتراكها المدفوع وفي قيمة التغطية. لا نجد هذه الإشكالية عند التعامل مع دول العالم المتقدمة طبيا وعلاجيا. في معظم تلك الدول تكون المستشفيات على نفس درجة المستوى الطبي والفندقي مع وجود بسيط لغرف مميزة مقابل تأمين منفصل إضافي. تعمل تلك المستشفيات بنظام مؤسسات وتتعامل مع تأمين وطني أو مع شركات تأمين بنظام موحد. تفرض تلك الدول على الوافدين إليها الحصول على تأمين صحي سواء من شركاتهم المسجلة لديهم، أو من شركات خارجية سواء دولية أو محلية ذات غطاء دولي. تنتشر المستشفيات الخاصة في الدول العربية وتتنافس في توفير خدمات صحية وأيضا في الخدمة الفندقية. في خطوة تحضيرية تحتاج كل دولة عربية أن تقوم بتصنيف منشآتها الصحية وخدماتها حتى تسهل المقارنة بينها وحتى تعرف درجة التغطية. يعتمد التصنيف المعروف للمنشآت على المستوى العلاجي والخدمة الفندقية للمستشفيات. المعتبر في موضوعنا هنا تصنيف شركات التأمين للمستشفيات بناء على قابليتها لاستقبال فئات التأمين المصنفة حسب قيمة الاشتراك والتغطية من مهم لعادي لمنخفض. تصعب مقارنة المستشفيات بناء على عامل واحد لكن يمكن تقريبيا مقارنة معدل تكلفة العلاج بين مختلف الدول. يجب أن تتوازى معدلات التكلفة في بلد العلاج مع سلم وحدود التغطيات التأمينية في دولة التأمين، وإلا تحمل المستفيد فرق التكلفة مالم يحمل تأمين بلد العلاج أو ملحق إضافي من بلده. لا تمانع بعض شركات التأمين في المملكة في علاج مستفيد في دول أقل تكلفة علاجيا عن دولة إصدار العقد وهو المملكة. بالنسبة للمقيمين والوافدين لعمل وإقامة من دول عربية فأمامهم الحصول على تأمين محلي ممول من أرباب عملهم. البديل إيجاد عقود تأمين موحدة خاصة للاستعمال بين الدول العربية، أو قبول تأمين محلي مع ملحق ترقية إضافي. تستطيع الهيئات الصحة السعودية مثل "مصلحة برنامج التأمينات الصحية" حال أن أسست تغطية بعض تكاليف علاج الوافدين عن طريق موارد تأمين دولية. تفرض دول كالفلبين مثلا على مواطنيها المغادرين للعمل خارجها دفع اشتراك تأمين صحي قبل السفر. فيمكن مثلا دعم اشتراك تأمين العمالة كالفلينية الإجباري من دولهم، من قبل أرباب أعمالهم، بحيث يصبح تأمينا فعالا ساريا هنا. تتم حسابات التأمين الدولية في وجود جهاز مقاصة لمتابعة المطالبات المالية. أسوة بما تطلبه دول من زائريها يمكن طلب تأمين صحي محلي أو دولي من زوار ورجال أعمال ووافدين مؤقتين. بالنسبة للحجاج والمعتمرين يمكن عرض تغطية تكلفة أي علاج يواجهون أثناء زيارتهم مقابل مبلغ تأمين بسيط كمئة ريال مثلا مع التأشيرة أو عند الدخول يودع في صندوق تأمين علاجهم. أيضا يمكن فتح صندوق علاجي لمقيمي جنسيات ذات وضع خاص واللاجئين، بعقود فردية تمول ذاتيا من أفراد منهم حسب الدخل المسجل، ويدعم من المعونات التي تقدم لهم. على القادمين للعلاج وسياحة علاجية إيداع تكلفة علاجهم في قنصليات دولهم وإحضار خطاب ضمان منها ليتم بعدها التعامل مع القنصلية فقط. ينبغي أن تحسب تكلفة علاج المقيمين بلا تأمين الذين يتم علاجهم ولا يسددونها كديون على قنصلياتهم. إضافة بسيطة أنه إذا تجاوزت كلفة علاج أحد المقيمين الوافدين حدا معينا، فإن بلده أولى بعلاجه والتكفل به. مما يعني مطالبة دولته بتغطية تكاليف علاجه ونقل تأمينه عليها، أو استكمال علاجه في بلاده. يتم ذلك بتوفر شروط إنسانية في أن تكون له بلاد تستقبله بأمان، وأن يمكن نقله دون تأثر حالته الصحية، مع مراعاة ظروف أسرته كي لا تتضرر مباشرة. الغاية ألا يترك أحد بلا تغطية تأمينية صحية حتى لا يتأخر علاج عن مريض بسبب نقص تمويل وإن سدت جمعيات خيرية جزئيا.