تتجلى هذه الرحلة الإيمانية التي تكتسي بتلك الروح والنفحات الرمضانية ، ترسم على شفاه المؤمنين مزيدا من البهجة والسعادة ، تأخذنا للبعيد في أجواء غاية من سمو النفس ، أنها بصدق التربية والنشأة في طاعة الله ، المرتبطة بكل ما يحيط بالإنسان ، من مؤثرات تدعوه أن يُوظف حياته الخاصة وموقعه الوظيفي ، في كل ما يتعلق بالمَلكة الإيمانية والفكرية ، والشعور في أعماق الذات البشرية ، وتلك هي أمنية الكثير ممن يعيشون هذه المشاعر ، بعظمة هذا الدين الإسلامي والتعبير عنه بخلجات الضمير ، التي لا يعلم سرها ونجواها إلاّ خالق هذا الكون ومُدبِّر شؤونه. ولست ممن يقف ضد التغيير الإيجابي ، فهو سمة معظم إذاعاتنا العربية ، ولاسيما إذاعات المملكة ، التي لازالت تحتفظ برصيد وافر من المستمعين ، بمختلف التنوع البرامجي خصوصا نقل المشاعر الدينية ، وبرامج أخرى امتلكت جاذبية خاصة لدى المتلقي ، تفاعل معها كوكبة من كبار المذيعين السعوديين ، لازالت تحتفظ بهم ذاكرة المستمع ، فالإعلام العربي بتعدد إذاعاته ومكوناته البرامجية ، التي تتطلب الكثير من المصداقية والانتقائية ، لتكون أهم الركائز الأساسية في خططها وبرامجها ، التي جعلتها في منأى عن الإذاعات الهابطة ، لهذا ظلت في ذيل القائمة وفقدت عنصري التشويق والمتابعة. ففي مرحلة منتصف الثمانيات الميلادية ، التي قال عنها أستاذي معالي الدكتور محمد عبده يماني ، وزير الإعلام الأسبق والمفكر الإسلامي رحمه الله تعالى ، في محاضرة له وفي شهر رمضان تحديدا ، بنادي الإتحاد العربي السعودي إبان رئاسة المرحومين بإذن الله الدكتور عبدالفتاح ناظر الرئيس ونائبة الأستاذ أحمد مسعود ، كان عنوان المحاضرة التي شرفت بتغطيتها في هذه الجريدة ، بعنوان ( غزو الفضاء حقيقة أم خيال ) وهو ما كان يقصده رحمه الله ، من بعض القنوات الفضائية بشقيها الإذاعي والتلفزيوني ، ومن الطبيعي أن يكون لدينا في عالمنا العربي بدائل ، على قدر كبير من الكوادر الإعلامية إعدادا وتقديما. هناك بون من التنافس يكمن في الفارق بين الإمكانيات المادية ، فالقنوات الفضائية التي أعنيها تحصل على المليارات ، مقابل الإعلانات التجارية التي تنهال عليها بلا هوادة ، لتواصل بث برامجها مهما كانت ضآلة مستواها ، على حساب برامج طموحة لشريحة عُمرية من الشباب ، ومن خلال هذه المفارقات كنت أبحث عن صياغة جديدة لميثاق الإعلام العربي ، الذي يضمن للبرامج الإذاعية والتلفزيونية ، عبر القنوات الحكومية والفضائية الخاصة ، إمكانية الاستمرار وتقديم الأفضل في ظل تلك المنافسة الغير متكافئة ، ما لم تتضامن معها المؤسسات التربوية والجهات الرقابية الحكومية ، والشركات التي تعتمد على المجتمع في دعم إنتاجها فكريا قبل تسويق إنتاجها لغرض المكاسب المادية .