إن التهنئة برمضان هي التهنئة التي يستحقها المسلم، فشهر رمضان خير الشهور بالنسبة له، فهو زمن فاضل أكرم الله به أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليكون لها موسماً للطاعة يعملون فيه من الصالحات ما يدخرون بها حسنات يعلمون انها خير ما يقدمون عليه، لذا كان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وهو الشهر الذي اكرمه الله بنزول القرآن فيه فالله يقول : (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه) فهو شهر عظيم استقبله المسلمون عبر تاريخهم بالسرور لقدومه والاحتفاء به بالصيام والقيام والذكر، هو الشهر الذي يتعود فيه المسلم صون لسانه عن خبيث الكلام فليس الصيام امتناع عن طعام وشراب وجماع، بل وصون لسانه ان يقع في اعراض الناس، او ان يجادلهم وبخاصهم، فقد جاء في الحدي (رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع) وفي رواية (رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش) فالصائم لا يلفظ الا ما يرضي ربه خشية ان يذهب لفظه السيء لصيامه، الا يكفي في وصفه قوله – صلى الله عليه وسلم : (من صام رمضان ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) وما أعظم هذا من جزاء، ويقول رسولنا الكريم عنه (كل عمل ابن ادم يضاعف، الحسنة عشر امثالها الى سبعمائة ضعف قال الله عز وجل : إلا الصوم لي، وانا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي)، والصوم حصن حصين للمسلم من مكايد الشيطان أليس يقول ربنا عز وجل (الصوم جُنُّة)، بل هو مهذب لنفس المسلم، يمسك فيه لسانه وجوارحه عن قول الزور والعمل به صابراً على اذى الناس، يقول صلى الله عليه وسلم (اذا أصبح أحدكم صائماً، فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه فليقل : إني صائم، إني صائم) وقال عليه الصلاة والسلام (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه) وهو عبادة تعود المسلم على الصبر ففي الحديث : (الصوم نصف الصبر) وله سبب ولاشك لدخول الجنة، التي أحد أبوابها باب يسمى الريان لا يدخل منه الا الصائمون)، وكم من العادات الحسنة يتعودها المسلم في رمضان لو استمر عليها بقية السنة لكان عند ربه من المقربين، ورمضان من الأزمنة الفاضلة التي يستجاب فيها الدعاء ألم تقرأوا قول الله عز وجل (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون. واذا سألك عني عبادي فإني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)، وقال صلى الله عليه وسلم (إن للصائم عند فطره لدعوة لا ترد) وفي رمضان ليلة بألف شهر هي ليلة القدر)، فما اكثر فضائل شهر رمضان لمن استغلها في عبادة الله وتوثيق الصلة به، فحظى بالأجر العظيم ودرب نفسه على القرب من ربه فحظى بمغفرته ودخول جنته والمسلمون لو استقبلوا رمضان كاستقبال صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – واطاعوا ربهم كطاعتهم فيه لوجدنا حالهم قد تغير، وعم عملهم التوفيق سواء أكان دينياً أم دنيوياً، فهل يفلعون هو ما أرجو والله ولي التوفيق.