كنّا زمان واحنا صغار لمن يحر الجو في جدة، وترتفع الرطوبة وتزمت الدنيا حالنا حال أهل جدة، نجهز عفشنا ونطلع الطايف نقعد فيها جزءا من عطلة الصيف . كان أبويا – الله يرحمه- حريص إنو يغير جونا ليجدد نشاط العيلة، وكان يرافقنا في معظم الرحلات عمي أحمد- رحمه الله- وعياله وبناته ومرة سيدي يوسف بيبي صابريه، ومعاها طبعا عماني عصام وأسامة… كان أبويا له صاحب من بيت عبدالجبار، له بيت كبير قريب من برحة العباس.. كان أبويا يستأجروا أو ياخذوا منو جبا طبعا.. احنا صغار مالنا في الأمور دي، احنا علينا نطلع ونتمشى وننبسط… المهم إنو الطايف ديك الأيام ما تعرف المكيفات لبرودة الجو فيها، صيفاً وكترة الأمطار. سبحان الل،ه كانت أمطارها دايما بعد العصر تبدأ تغيم ويبدأ البرق والرعد وهاتك يامطرة ولأننا محرومون من المطرو في جدة، وأصلا طالعين من حر ورطوبة، فكانت السعادة أكيد تشوفها على وجيهنا ووجيه كل من طلع من جدة ومكة…. كان عمي عمر عنده بيت في السيل الصغير، وكان يطلع معاه عمي عبدالله بعيالهم، وكنا نجتمع أحيانا في سمرة ليليلة في بيته، أو نطلع الهدى نفرش فرشتنا، ونقضي ليلتنا في أجواء ولا أحلى. طبعاً الطايف تتحول إلى مجتمع جداوي، ومكاوي من كتر العوائل اللي تصيف في الطايف ديك الأيام . كانت برحة العباس تمثل مكانا للعب والتسلية والجري، وطبعا ما تخلو من المشاكسات والمضاربة الطفولية مع عيال الطايف. كنّا عددا لا بأس بِه، لأنو كنّا أنا وإخواني عدنان وفهد ومجدي، وعيال عمي أحمد سامي، وسمير، وساهر، وجميل، وعماني اللي أعمارهم قدنا عصام وأسامة، فكنا لمن نمشي في برحة العباس يعملوا لنا حساب عشان عددنا كبير. طبعا برحة العباس كانت كلها محلات تتناسب معانا من حيث محلات الحلويات والمنفوش والمكسرات اللي تقرمش لمن تأكلها. أما محلات الفول والمعصوب فكانت رواية لمن تتعشى عليها ومعاها السمن البري الأصلي، وكمان الجبنة الحلوة اللي تشتهر بيها الطايف، وكانت أمي – الله يرحمها- تتفنن بعملها جبنية …. طبعا في الليل، كان أبويا يجوا يسلموا عليه أصحابه من أهل الطايف، أذكر منهم الشيخ عبدالوهاب حلواني، واللواء عبدالقادر كمال، وواحد من بيت الإدريسي، اللي كان يملك فندق اليمامة والشيخ عبدالرحمن صبان، اللي كان يملك بيت فخم الطايف بلونه الأخضر. أما ذكرياتنا في الهدى فكنا أحيانا نتعشى عند العم أحمد زقزوق اللي كان عنده بيت من خشب مطل على شارع الهدى العام ، وكان يطبخ لنا بنفسه المقلقل المفلفل، ومعاه عيش الحب الطائفي وطبعا أحيانا تختم سهرتك بعشوة السليق الطائفي، فتكون قد جمعت الوناسة لنفسك ولمعدتك المصونة. المهم كانت الطايف تجمع أهالي جدة ومكة، وكانت فعلا مثلت لنا ذكريات جميلة، ولا أروع وياليت تعود ديك الجمعات، وديك الأيام لما فيها من ألفة وترابط اجتماعي عائلي. وإلى لقاء قادم، وأنتم ترفلون بصحه أنتم، وعيالكم.