كنت شغوفا منذ نعومة أظفاري بمجالسة كبار السن للاستفادة من تاريخهم الحاروي والعملي كيف لا وانا املك من اهلي من عاصر وساهم في تنمية هذا البلد المعطاء ، بلد الحرمين الشريفين ادام الله عزه وأمنه. من هؤلاء الذين كنت حريصاً جداً على زيارتهم ومجالستهم بشكل أسبوعي هو سيدي يوسف طرابلسي أبو أمي وسيد عيال عمي عمر ، يعني بكده يصير ابويا وعمي عمر عدلاء يعني متزوجين اخوات رحمهم الله جميعا رحمة الابرار كنت أرافق والدي رحمه الله في معظم زياراته سواء للأقارب او أصحابه وطبعا سيدي يوسف على راس من كان حريصا على شرب براد الشاهي عنده كل اسبوع من بعد صلاة الجمعة. والحقيقة اني لا زلت استطعم طعم الشاهي اللي كنت اشربه في بيت سيدي كل جمعه وما ادري ًايش كانوا يحطوا في البراد ،،، يبغالي اسال خالتي لولوه تعطيني سر داك الشاهي،،، كان سيدي يوسف ينتظر زيارتنا في بيته العامر في طريق مكه امام منزل العم عبدالله عمر خياط حفظه الله،،، اول ما ندخل ونسلم ونقعد على الكرويته يقوم سيدي يسال ابويا ايش اخبار العالم يافتاح،، ويبدا ابويا في سرد احداث الاسبوع وكأنها نشرة الأخبار لان ابويا كان حريصا على متابعة الأخبار العالميه صحافةً وتليفزوناً طبعا انا ما أفوت الفرصه وما ان ينتهي ابويا من سرد اخبار الاسبوع وتحليلها مما يسعد سيدي يوسف ويبسطه حتى يداعبنا ويقول هس يافتاح الجدران لها اداني،، كم كنت رائعا ياسيدي يوسف.. كنت حريصا على الإنصات لابويا وسيدي رحمهما الله في كل كلمه يقولوها وطبعا كنت احاول بكل ادب واحترام ان أدير الجلسه للاستفاده القصوى من تاريخهم،،،. فكنت اسال سيدي يوسف كيف كانت حياتكم،،،، بعد ان خرجت التنهيده التي عبرت عن تلك السنين التي مضت يبدأ ويسرد لنا بعضا من مواقفه التي مر بها قطار العمر،، بدا سيدي يوسف عمله في التجاره بفتح دكاكين في سوق البدو وانتهى به المطاف موظفا في الجمرك وكان يرأسه العم علي دفع الذي كان مديرا للجمرك وكان من زملائه في عمله عّم علي خوجه وعم بكر عون وعم حيدر مشيخ ، رحمهم الله جميعا بدا تجارته بتلاته دكاكين في سوق البدو ناحية سوق الحبابه وكان يبيع الحبوب والأقمشة للبدو تحديداً دار سليم وكان بجانبه دكان اخيه محمد علي طرابلسي الذي كان زوجا لعمتي جواهر عبدربه رحمها الله بالاضافة الى دكان والده محمد حسن طرابلسي ومن اطرف القصص انه تأخر عليه احد البدو الذي كان عليه مبلغ متاخر،،، وكان هذا التاجر قد قطع رمشاً من رموش عينو وحطها عند سيدي وقاله لمن اجيب لك باقي الفلوس تعطيني الرمش،، سبحان الله رمش الرجل كانت كفيله بضمان الالتزام بإعادة المبلغ المتأخر ،، ويقول سيدي يوسف انو في احد الأيام واحد من بدو سليم أتأخر في تسديد اللي عليه فركب سيدي يوسف حماره اعزكم الله واخذ الشون معاه وراح لقريته وما ان وصل حتى سارع ذلك الرجل في تأمين الفلوس لمعرفة الرجل بشخصية سيدي ولأنو سيدي ما كان يمزح في حقه. من كتر ما احكي الناس اللي اعرفهم عن جمال هذه الجلسه اتصل بي الشيخ عقيل العقيل رحمه الله وهو من شيوخ عنيزه وقالي ابغى أزور جدك فحددنا الموعد بعد صلاة الجمعه لمن دخل الشيخ جاب معاه مشلح وتنكة سمن بري وكيس فيه عوده خشب فكانت هديه جميله لاقت استحسان سيدي يوسف. اختم مقالتي بما كنت اشوفه بعيني،،، كنّا جيران لسيدي يوسف في طريق مكه فكنت لمن اخرج من المسجد في صلاة الفجر وكنت وقتها طالبا في جامعة الملك عبدالعزيز ،،، المهم من غيرة سيدي يوسف كان ما يخلي خالتي سميره وخالتي لولوه يروحوا مع السواق لحالهم فرغم كبر سنه في تلك الفتره الا انه كان يصر على توصيلهم الى أماكن عملهم حيث كانت خالتي سميره مساعد مدير عام تعليم البنات وخالتي لولوه مديرة مدرسه كانت الغيرة على بناته تخليه يوديهم ويجيبهم من عملهم ولو جات غبره ولا غيمت جده كان يركب مع السواق ويروح بنفسه ويطلعهم من عملهم خوفا عليهم من هطول امطار او زيادة في الغبرة خصوصا لمن يجيك الهواء ازيب يستبشروا أهل جدة بالمطر. كنت ملازماً له سنوات شيخوخته بشكل يومي واقعد جنبه مع امي الله يرحمها التي كانت حريصه هيا وخالتي نور زوجة عمي عمر على زيارته بشكل يومي كسبا للرضى ومحبة في والدهم رحمهم الله جميعا ورفع مراتبهم. رحمك الله ياسيدي يوسف ورحمك الله يابويا على حرصك في غرس شعيرة صلة الرحم التي كان حريصا عليها. نلتقي معكم الاسبوع القادم باْذن الله عز وجل فيما كان يدور من ذكريات في زيارة الوالد رحمه الله لشقيقه عمي عمر عبدربه وعمتي جواهر في منزلهم في النزله اليمانية.