بعد ان انتقل أهل جدة من البلد ومن بيوت آبائهم وأجدادهم وتوزعوا في ارجاء جده شمالاً وجنوباً وشرقاً وليس غرباً لانه غربها البحر الزمردي الذي طالما تغنى به شعراء جده. كان والدي عبدالفتاح عبدربه ممن سكن طريق مكة ولكن قلبه بالتأكيد وكغيره معلق بالأحياء التي ترعرع بها. كان يأخذنا كل جمعه انا واخواني فهد ومجدي لنصلي الجمعة في مسجد عكاش في شارع قابل. فكانت بالنسبة لنا ونحن الذين خرجنا اطفالاً رضع من البلد ننتظر الجمعه بفارغ الصبر لنستمتع باللعب قبل وبعد صلاة الجمعه بين أزقتها وشوارعها الضيقة التي مثلت لنا الآن ذكرى لا يمكن نسيانها. لا أنسى محل العصير الواقع في اول شارع قابل من ناحية شارع الملك فيصل والذي كان ابويا الله يرحمه يأخذنا مع أصحابه لنشرب كاسا من العصير الطازج والبارد والذي لا زال طعمه في فمي للان. لا أنسى مداعبة أصدقاء الوالد رحمه الله لنا انا واخواني أمثال العم احمد ابو دَاوُدَ والعم يوسف عبدالشكور والعم امين رشدي والعم اسعد بخش الذين كانوا أيضا حريصين على اللقاء في مكتب الامير عبدالله الفيصل قبل الصلاة وبعد الصلاة رحمهم الله جميعاً. كان شارع قابل يغص بالمشترين من البسطات من خضروات وفواكه ولا يخلوا الامر من كثرة الأطفال الذين هم في عمرنا مما ساهم في سعادتنا من خلال مشاركتنا لهم في لعبة الطيري والزقيطه ولعبة العصا التي كنّا نطلق عليها لعبة اللاري. كانت الاربعه قروش التي يوزعها علينا ابويا الله يرحمه قبل الصلاة مصدر سعاده لنا لانها كانت تجيب لنا حلويات كتيره وأحيانا نشتري منها مع التحويشه اللي معانا لعبه من محل سلام في الخاسكيه. ما كان يرسخه والدي فينا من حب لمنطقة جده التاريخيه اكاد أراه عندما أخذ عيالي مره في الأسبوع لشراء المسواك من باب مكه والتجول في ازقة جده وتزداد سعادتي حينما اتقابل مع بعض أصدقاء الطفوله ومعهم ابناءهم حفظ الله لنا جدة العبق والتاريخ وحفظ لنا مملكتنا الحبيبه في ظل حكامها آلِ سعود وهكذا تظل جده وذكرياتها ورحم الله ابائنا وأمهاتنا جميعاً والى لقاء قادم وأنتم جميعا في صحة وعافيه