في ظل ما نشاهده من مآسي وآلام وحروب ودعوات إلي حروب ويأس وقنوط ، بات علينا كأفراد يتوقون للحياة التأكيد لأنفسنا وأبنائنا ومحبينا ومجتمعاتنا على حاجتنا الآن لبعث روح المحبة من جديد فوق جروحنا ومن تحت أنقاض خيباتنا ، مستأنسين بقوله تعالى " إن مع العسر يسرا " ، ولا مجال لبعث تلك الروح المتفائلة بغير تكريس حب الحياة والإقبال عليها إقبال الزهور على ألوانها ، والغيوم على سماواتها ، ولن تبلغ هذه الروح ذروتها إلا إن سعينا جميعاً على مجابهة البغض بلا هوادة ، وتبريد الكره بلا مواربة ، والتأكيد دوماً أن أيدي التسامح مهما زاحمتها أيدي البطش والعدوان هي الأقدر على انتشال أجيالنا من أتون الحرب والموت . إننا جميعاً بحاجة لكل روح باعثة للتفوق على مصاعب الحياة ، وأهمها على الإطلاق مشاعرنا التي نرغمها جراء مخاوفنا من عالمنا المضطرب على أن تتوارى خلف آمالنا ، ونحرمها حتى من التنفس من بين شرفات تطلعاتنا مع إدراكنا أن مشاعرنا المقهورة تلك لم تزل تترقب بشغف عنيف أدنى قشة من حب ، وترنو لأي ذرة من أمل ، ولو بيدها لثارت هي ذاتها على كل قبيح يجثم على أنفاسها ، وكل خوف يتربص بها مع كل زفراتها . يا دعاة الحياة ؛ إننا من دون هذه الروح لن تهفو أنفسنا للسلم ، ولن تتزحزح قلوبنا مطلقاً عن الهم..ولن تغدو الأوطان تواقة للنور ، فقط بالجمال الروحي نهزم الظلام ، ونستشعر النور بلا خيبة أمل .. والأهم ستزول من مخيلاتنا الخشية من لعنة أحفادنا ، لأننا هذه المرة سنورث لهم بساتين التسامح لا خرائب الكراهية. إن اللذين لا يتمتعون بأراوح طاهرة لا يمكن أن يبنوا مجتمعات طاهرة .. فالقبح الكامن في نفوسهم يمنعهم ، أما نحن فطاهرون وقلوبنا طاهرة ومشاعرنا طاهرة ، لكننا أخفقنا بعض الوقت في تحييد أنفسنا بعيداً عن ساحات الحياة ، تاركين الفراغ لمسوقي الموت والدمار ، وقد آن أوان العودة ، عودة تجلب معها الطهر لمجتمعاتنا ، والألفة لشعوبنا ، والتعايش والسلام لأبنائنا ، سنملأ الأمكنة حباً بدل البغض، وبياضاً بدل السواد ، وألقاً مكان الشحوب والبؤس ، فهلموا معاً نغني في حب الحياة . [email protected]