في ظل ما يحاط بنا من مشاهد البؤس والاقتتال يومياً على الشاشات وفي الصحف وعبر الأقنية الخلوية في الهواتف النقالة مما يسود معها ثقافة الإحباط واليأس في نفوسنا من أن عصراً مريعاً ينتظرنا خلف هذا الواقع المتأزم ، وأن حالة أخرى من التدهور الأخلاقي والمعرفي يبدو وكأنها تتربص بنا في ثنايا هذه المآسي اليومية ، لا مجال لنا إلا أن نؤكد على حاجتنا الملحة لبعث روح جديدة في عالمنا رغم أنف الواقع ، مستأنسين بقوله تعالى " إن مع العسر يسرا " ، ولا مجال لبعث تلك الروح المتفائلة بغير تكريس حب الحياة والإقبال عليها إقبال العطشى على نبع رقراقاً بارداً للتو تراءت خلف كثبان سحيقة من الرمل الملتهب ، وذروة الإقبال على الحياة هي في مجابهة البغض بأزاهير المحبة ، وتبريد مشاعر الكراهية بغيث سحابات المودة ، والتأكيد دوماً أن أيدي التسامح مهما زاحمتها أيدي البطش والعدوان هي الأقدر على انتشال أجيالنا من أتون الحرب والموت. إننا جميعاً بحاجة لكل روح باعثة للتفوق على مصاعب الحياة وأهمها على الاطلاق مشاعرنا التي تتوارى خلف آمالنا وتندس بين تطلعاتنا مترقبة لأدنى قشة من حب ، وترنو لأي ذرة من أمل ، لتثور على كل قبيح حولنا ، وكل خوف يتربص بقلوبنا ، محررة فينا كل منابع الجمال. من دون هذه الروح لن تهفو النفس للعلم والعمل.. ولن تتزحزح الشعوب مطلقاً عن الفشل..ولا تغدو الأوطان تواقة للنور ، بالجمال الروحي لن نشعر بخيبة الأمل في مستقبلنا.. ولا نخشى من لعنات أحفادنا لنا . إن الذين لا يتمتعون بأراوح طاهرة لا يمكن أن يبنوا مجتمعات طاهرة .. فالقبح الكامن في نفوسهم يمنعهم ، لذلك لا سبيل للنهوض مما نحن فيه بغير تحييد القبح قدر جهدنا بأسلحة التسامح والحب وفضائل العيش المشترك ، طهروا أرواحكم إن أردتم أن تبصروا الطريق رغم أشباح الظلام . طهروا أنفسكم حتى لا نتوه جميعاً عن الحقيقة بالأراجيف والكذب والخرافات والتدليس، طهروا قلوبكم حتى لا تعشعش فيها عناكب الخوف والوهم والقلق ، فاللهم نسألك طهارة من لدنك تنقذ بها أرواحنا من الغل والحقد والحسد ، آمين. @ad_alshihri [email protected]