نشرت ‹‹ البلاد ›› الأسبوع الماضي مادة صحفية بعنوان " 98 ملياراً أنفقها السعوديون على السياحة الخارجية " وجاء في تفاصيل تلك المادة أن انفاق السياح خلال العام الماضي 2016 وصل 98.8 مليار ريال ، علماً بأن عام 2015 كان الانفاق 84 مليار ريال أي بفارق نسبته 17 % بين العامين ، مسجلة بذلك أعلى نسبة زيادة خلال ثلاثة أعوام. ويتضح من المادة المنشورة الدور الذي تلعبه السياحة اقتصادياً ، فالمبالغ التي صُرفت خلال أعوام وجيزة ليست بالمبالغ اليسيرة ، ولو أن نصفها صُرف على السياحة الداخلية ؛ لكانت مورداً جيداً يمكن من خلاله العمل على الكثير من المشروعات التي من شأنها أن تجذب المواطن والمقيم وأن تجعل من السياحة الداخلية بديلاً أكثر راحة ومتعة. ولعل من الصعب التعميم على تفضيل السياحة الداخلية ؛ فمن السياح من يقومون بالسياحة للتعرف على ثقافات جديدة حول العالم ومشاهدة ما لم يشاهدوا ؛ ولكن في المقابل هناك شريحة يقومون بالسياحة لمجرد النزهة وتغيير النمط اليومي وقضاء وقت هادئ وجميل. ولعل أولئك الذين يجعلون من السياحة نزهة لهم ؛ هم الشريحة التي يجب أن تستهدف مبدئياً ؛ لكون الكثير منهم يعيشون حالة من الاستياء لعدم وجود الأماكن المجهزة بالصورة التي يطمحون إليها ، علاوة على ارتفاع الأسعار ؛ ولعل هذين الأمرين كفيلين بأن تجعل السياحة الخارجية هي الخيار الأول والأفضل بالنسبة لهم ! فالسائح بكل اختصار هارب من متاعب الحياة ، وكل ما يحتاج إليه هو مكان مهيأ للسكن إضافة إلى مرافق مجهزة ومواصلات ذات جودة عالية ، على أن يكون كل ذلك بأسعار معقولة ومنطقية. ولعله من الجيد ما جاء في ثنايا المادة المنشورة بأن السعودية تتجه في رؤيتها إلى الاهتمام بقطاع السياحة باعتباره قطاعاً ذات أهمية على الاقتصاد الوطني ، وأن ذلك الاهتمام سيكون من خلال المشاريع الحكومية التي ستنفذ خلال الفترة القادمة. ولكن رغم أن هذا التوجه يعتبر توجه رائعاً ؛ إلا أنه يجب أن يتزامن معه وجود خطة استراتيجية تستهدف اعادة بناء ثقة السائح الذي لم يجد طموحاته في السياحة الداخلية على مدى سنوات ، رغم ما تزخر به البلاد من مناطق سياحية متنوعة ، وذلك باعتبار المملكة حاضنة للعديد من المعالم التاريخية والمناظر الجميلة ، إضافة إلى المقدسات الدينية. العمل الميداني على تنفيذ تلك المشروعات لوحده ليس كافياً بل يجب أن يقترن بالعمل على استعادة ثقة السائح ؛ فالنجاح في الأمرين كفيل بأن يفعل دور السياحة الداخلية ، علاوة على جعلها خياراً مرغوباً ضمن خيارات السياح على مستوى العالم. لمحة : يجب أن يقترن الإصلاح بتغيير الصورة النمطية السلبية السابقة. البريد الإلكتروني : [email protected]