ذهب فلاح على حصانه إلي السوق ليشتري علفاً للحصان ، ولما أحس الحصان أنه ابتعد عن المنزل توقف عن السير وحاول العودة ، فوكزه الرجل بقوة ، ثم ضربه بالسوط حتى عدل عن فكرة العودة ، فأكمل الحصان المسير على مضض وهو يقول : " لماذا يجبرني هذا المخبول على التقدم ؟ ألا يعلم أن المسكن خلفنا ؟ وحينما أشرفا على السوق ، شاهد الرجل وحلاً وأرضاً طينية لا يمكن لحصانه أن يعبرها ، فشد اللجام وغير المسار نحو الطريق المبلطة ، وحينما شعر الحصان أن الطريق تحته أصبحت قاسية حاد عنها ، وأراد العودة للوحل ، فضربه الرجل بالسوط وأجبره على البقاء فوق البلاط ، أذعن الحصان وهو يقول : " أي حظ قادني لهذا الرجل الغبي؟ يجبرني بسوطه على ترك الطريق اللين والسير فوق الطريق الصلب ! ألا يعلم أن قساوة الطريق لا تتحملها حوافري ؟ ". وعندما انتهى الرجل من شراء علف الحصان ، أخذ طريق العودة للبيت ، وحينما أدخل حصانه المسكن ، أعطاه شيئاً من العلف الذي اشتراه ، ثم تركه ، فقال الحصان : " ما أغبى هذا الرجل ؟ عذب نفسه وعذبني معه طيلة النهار ، أي فائدة جنينها من كل هذا الجهد؟ أليس الأجدر بكلينا ألا نبرح الدار .. يبقى هو عند موقده ، وأنا هنا آكل العلف ؟ " . يهمنا من قصة تولستوي هذه ، تلك الحذلقة التي أسقطها المؤلف على الحصان الذي نسي أن العلف يتطلب بعض الجهد للدلالة على شريحة من الناس لا تدرك بواطن الأمور ، ونظرتها للحياة نظرة سطحية لا تتعدى أرنبة أنفها ، ومع ذلك هي الأكثر ضجيجاً ، خاصة في زمننا هذا ، زمن منصات المواقع الاجتماعية ، فنظرة خاطفة لتلك المنصات كافية لرصد عشرات المتحذلقين في شتى المجالات خاصة السياسية ، أسماء خرجت لنا من كراع شكوة ، هكذا !! من الباب للطاقة !! يحللون ويفندون ويخططون .. لا وبعضهم يشرهون على سياسات الدولة وخططها وقراراتها . مشكلة ذلك الحصان وأشباهه اليوم ليس في أنه لا يفهم ، فعدم الفهم حالة طبيعية لا يعاب صاحبها إذا ما كان معترفاً بعدم الفهم !! إنما المشكلة في تيقنه الكامل والتام من أنه يفهم ، وأن غيره لا يفهم ! Tanouma61899 /P.O:198 [email protected]