هناك مثل هندي يقول : فاقد الجرأة ينبغي ألا يتشكي من سوء حظه." هل نجرؤ أن نقول كلمة لا لكل ما هو ضار وخبيث لا يمكث في الأرض ، ولا ينفع الناس ؟ هل الطفل الذي تعوّد أن تلبىّ طلباته عند أول صراخ يعوّل عليه حين يكبر أن يكون أكثر التزاماً وإحساساً بالمسؤولية ؟ حيث لم يترك له مساحة للتفكير ولا وقت للتعرف على محاسن الأشياء ومساوئها ، وهو بهذا لم يقم بأعمال تستحق المكافأة . إن الأم التي تقف في وجه ابنها وتقول له لا للانفلات ولا للحرية المزيفة والتقليد الأعمى في المظهر، ولا للسهر غير المبرر خارج المنزل ، فإنها تحميه من رفاق السوء وزلات القدم ، والأب الذي يسعى جاهداً إلى تحصيل رزقه رافضاً التقاعس والاستسلام لنوائب الدهر ، هو حقاً رجلاً شجاعاً تحدى ظروفه الصعبة وجنب عائلته ذلّ السؤال ومهانة الحاجة ، أما المجتمع المتماسك الذي يقف في وجه من يعبثون بأمن البلاد والعباد ، وينبذ العنف والتعصب وخطاب الكراهية هو بلا شك مجتمع فاعل ومتسامح ، ويمتلك مقومات النجاح في إعمار الأرض وما عليها .الجرأة في التصرف والشجاعة في قول الحقيقة تعبر عن شخصية قوية تتحدث بصراحة دون خوف أو تردد ، وهذا ما نتمنى رؤيته لدى أبناءنا ، بحيث يكونوا صادقين مع أنفسهم ومع الآخرين ، يعرفوا حقوقهم ويؤدوا واجباتهم ، ولا ضير أن ندربهم ومنذ نعومة أظافرهم على القيام بسلوكيات فيها إقدام وجسارة ، وأن ننمي قدراتهم العقلية التي تجعلهم يميزون بين الخطأ والصواب وبين الغث والسمين ، ومن الضروري أيضاً أن نطمئنهم أن كل ما يحيط بهم من مغريات تحملها لهم وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من صرعات العصر إنما هي متعة ناقصة ، سنتجرع مرها في القادم من الأيام ، ولكن الاستزادة من العلوم والمعارف وتطوير الذات واكتساب الخبرات هي الحصن الدائم والملاذ الآمن وطوق النجاة .فلنحفزهم على قول لا لكل صاحب فاسد وكلام فارغ وعمل تافه .ولنعلمهم أن الجرأة في التراجع عن قرار خاطئ هي من الفروسية ومن سداد الرأي وحسن الختام ..يقول الشاعر أبو الطيب المتنبي : الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِ هُوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَلُّ الثّاني فإذا همَا اجْتَمَعَا لنَفْسٍ حُرّةٍ َلَغَتْ مِنَ العَلْياءِ كلّ مكانِ