كان من الممكن بقدرة الله سبحانه وتعالى أن يكون ( س ) من الناس هو ( ص ) ، وذلك الصحيح سقيماً ، والأبيض هو الأسود ، والقبلي من دون قبيلة وهكذا ، لكنها أقداره سبحانه ومشيئته وتصريفاته في خلقه ، يخلق من يشاء ذكراً ويجعل من يشاء أنثى ، وينشئ من يشاء على مذهب ويوجد من يشاء على مذهب آخر ، ولا تملك لا أنت ولا هو ولا أنا سوى التسليم لأمره وقضائه سبحانه ، كذلك الأمر ينطبق على العرق والجنس .. اللغة والهوية .. الوطن والجنسية .. الاسم ورقم السجل المدني .. العصر والتوقيت الذي يولد فيه فلان أو علان من الناس … حتى الأبوين والإخوة والعشيرة ! يأتي الفرد لهذه الدنيا وهم أبواه وإخوته عشيرته رغم أنفه . فإذا تأملت ذلك وأدركته أدركت حقاً كم نحن مغلوبون على أمرنا ، وأن معظم ما ولدنا وترعرعنا عليه منذ ولادتنا وحتى اليوم لم يكن نتيجة لعبقريتنا الوجودية . قل لي : هل أنت مغتبط بمظهرك فخور بهويتك منتشٍ بجمالك فرح بلغتك معتد بقوتك معجب بقبيلتك معتز بنسبك ؟ حسناً .. هذا حقك ولكن لتجرب الآن بكل هدوء أن تحدد لي أين تكمن عبقريتك في كل هذه الأمور وأنت تعلم علم اليقين أنها لم تكن خيارك حين خلقت في أحشاء أمك . من منا اختار لون بشرته أو اسم قبيلته أو البقعة التي ولد فيها ؟؟ لا أحد !! فإذا كان هذا هو واقع الحال بالنسبة لي ولك وله ، فلما إذن بعضنا يرى هذه السمات والسجايا مسوغاً لأذية الغير ممن يتسمون بسجايا وسمات مختلفة لم يكن أيضاً لاختياراتهم الشخصية أدنى علاقة في تشكلهم عليها ؟ ألسنا نعلم إن الله تعالى هو الذي فطرنا على ما نحن عليه اليوم من سمات بدنية وصفات ذهنية ومكتسبات فكرية ودينية ومعرفية كما فطر غيرنا من الأمم والشعوب ؟ إذن لما لا ندرك أيضاً أنه كان بمقدوره سبحانه أن يجعل أياً منا على غير ما هو عليه الآن ؟ بمعنى يخلقه في ذات البيئات التي انفلقت منها سمات الآخرين مهما كانت درجة اختلافها عن سماته ؟ أيرضيه حينها أن يأتيه من يحاسبه أو يؤذيه على هذا القضاء الإلهي الذي لا حول له ولا قوة فيه ؟ أنت فقط تخيل هذا واترك الباقي لفطرتك . [email protected] Abha/Tanouma61988 /P.O:198