يقول الأديب أنيس منصور" إن الإنسان إذا اعتاد على شيء فإنه يفقد الإحساس به " . طبعاً بغض النظر عن ماهية ذلك الشيء ، فالعادة أحياناً قد تغتال الشعور بالجمال بذات الطريقة التي تغتال فيها القبح ، وبإمكان كل شخص منا إدراك ذلك ، فقط عليه أن يحاول رؤية نفسه بعيون الآخرين ، فالذي اعتاد المشي على قدميه مثلاً لا يسعه الوقوف ليتأمل هذه القدرة لديه ، لكن ما إن يصبح مقعداً يدرك كم كانت تلك الميزة مغيبة عن مشهد تأملاته ، ليس لأنه امرؤ سيئ ، بل لأنه اعتادها فغدت متوارية عن التحسس والتأمل ، هكذا نحن جميعاً ، لدينا أشياء عظيمة ومزايا جميلة ومع ذلك لا نشعر بها ، والأمر كذلك ينطبق على الخصال السيئة فينا ، معظمنا اعتادها حتى غدت من صلب سلوكه دونما يخالجه أدنى شك في سوئها ، في حين أن الآخرين يرون تلك الخصال البغيضة بكل وضوح ، وبالطبع أيضاً ليس لأنهم ملائكة وهو شيطان ، بل لأنهم لم يعتادوا على هذه الخصال التي لديه في نمط حياته ، لذا هم يشعرن بمدى قبحها أو سخافتها ، والعكس كذلك ، خصالهم الرديئة التي اعتادوا عليها وغدت نمطاً ثابتاً في طريقة حياتهم هم لا يدركونها كما يدركها هو ويتأفف منها . لذلك نحن جميعاً ضحايا ما اعتدنا عليه ، فالأشياء العظيمة لا نشكر الله عليها ولا نحافظ عليها أو نطور منها كما ينبغي ( إلا من رحم ربنا ) ، والأشياء السيئة لا نتجنبها أو نكسر رذيلة الاعتياد عليها ، والمحصلة ركود فج يخيم على الحاضر ويهدد المستقبل ، وحينما يلوح السؤال في مخيلة الغالبية منا عن سبب كل هذا !؟ يخرج من جيبه تلك الإجابة الممقوتة دائماً " هكذا تعودت " . Abha/Tanouma61899 /P.O:198 [email protected] مرتبط