حان الوقت لأن تراجع مدارسنا سياستها في كمية الواجبات المنزلية المفروضة على الطلبة والتي ترهقهم وترهق أهاليهم، وتسرق من الأطفال أهمّ سني عمرهم وتبذرها في واجبات أغلبها مملة وتجهد الطالب أكثر مما تنفعه. الساعات الطويلة التي يقضيها على كرسيه في الصفوف الدراسية، وأخرى بين يدي والدته لإنجاز تلك الواجبات كفيلة أن تسبب له ردة فعل عكسية تجعله يكره الذهاب للمدرسة بل ويكره الدراسة بأكملها، بعد أن يجد نفسه محاصراً بالكتب ولا يصل للألعاب التي تجذبه فِطرياً. تجربة فلندا قد تكون تجربة مجنونة عند البعض، ولكن النتائج التي توصلت إليها في تقييم طلبتها على مستوى الدول الغربية باحتلالها المركز الأوّل في التقييم، يستحقّ الذكر لمن يعتبر.فبعد أن كانت في ذيل القائمة مع النمسا في مستوى التحصيل الدراسي للطلبة راجعت سياستها، وقرّرت أن تخوض تجربة جديدة بأفكار مختلفة، وبشجاعة قرّرت أن تلغي الواجبات المنزلية!. ليعيش الأطفال طفولتهم التي وجدوا بأنها سنوات قصيرة، وأن من الواجب أن نساعدهم على أن يستمتعوا بالحياة لا أن تكون لنا يد في تعاستهم.فطلبة المدرسة الابتدائية يقضون من ثلاث إلى أربع ساعات فقط في الصفوف الدراسية بينها ساعة للراحة، ولا تتجاوز ساعات الدراسة العشرين في الأسبوع الواحد! فالعقل وبحسب الدراسات يحتاج إلى وقت للاستراحة بين الحين والآخر، وإن العمل أو الدراسة بشكل مستمر يرهق المخ فلا يستوعب بعدها شيئاً، وبالتالي لا فائدة من أية معلومات تقدم إليه. كما يقضي الطلبة من عشر إلى عشرين دقيقة فقط في إنجاز فروضهم المدرسية بحسب شهادة الطلبة أنفسهم.فالأطفال ليسوا بحاجة فقط إلى اكتساب المعلومات والمعارف، بل بحاجة إلى تعلم الطبخ، والفنون وغيرها، والمدارس ليست مشروعاً تجارياً لدر الأموال، بل مشروعاً لبناء أجيال تعرف كيف أن تكون سعيدة، وكيف تعيش يومها وطفولتها لتصل إلى سن الشباب والنضج بنفسيات قوية قادرة على أن تحترم نفسها وتحترم غيرها. مدير المدرسة يقرّ بأن مصطلح "الواجب المنزلي" قد عفا عليه الدهر وشرب، ومدرس المادة الأكثر رعباً لدى الطلبة "الرياضيات" يؤكد أن هدفه كيف يعلم الأطفال أن يكونوا سعداء. حتى عندما جاءوا ليصمموا الملاعب في المدارس طلبوا من المهندسين التحدث للأطفال لمعرفة ما يحبون توافره في مدارسهم، وحققوا بالفعل رغاباتهم. مرتبط