رفع مقتل طفلة ينبع «تالا» على يد خادمتها الآسيوية معدل إقبال الأمهات العاملات على وضع أطفالهن الصغار في حضانات خاصة لحين عودتهن من العمل، وجعلت الحادثة الإقبال على تلك الحضانات ليس توجيها ترفيهيا كما كان في السابق بل بات ضرورة ملحة فرضتها حالة الخوف وعدم الثقة في كثير من الخادمات داخل البيوت. «المدينة» اقتحمت أسوار هذه الحضانات، وحاولت التعرف على طريقة إيوائها للطفل ومدى الأمان بها، وما تقدمه من خدمات ترفيهية وتعليمية للطفل خلال فترة استضافته بها بجانب اسعار خدماتها. في البداية كانت الزيارة لمركز «عالم السنافر» وهو احد مراكز الحضانات والتي تستقبل الأطفال من عمر شهرين إلى خمس سنوات، وتشير مها بامشموس صاحبة المركز الى ان حضانات الاطفال هي المكان الآمن للأم العاملة حيث ان الطفل يتواجد بمركز متخصص للعناية به وبين ايد أمينة من المختصات والمشرفات. واوضحت ان المركز يشترط على المشرفات ان يكن امهات لكي يقدمن الرعاية الكاملة لهم، وقالت: «نحن في المركز نحرص على ان يكون عدد الأطفال المقبولين حسب مساحة المركز, والتي هي حاليا تتسع ل 10 اطفال فقط من كل مرحلة عمرية فمثلا منذ سن الشهرين وحتى الستة شهور نقبل 10 اطفال فقط ومن السبعة اشهر وحتى الاحد عشر شهرا نقبل بعشرة اطفال وهكذا وفي حالة الزيادة توضع الأسماء في قائمة الانتظار حسب أولوية التسجيل ويوفر المركز مربية ومشرفة لكل 5 اطفال بالإضافة الى كاميرات المراقبة الموجودة في كل انحاء المركز ويشترط ان تكون المشرفة على الأطفال اما لتكون لديها الخبرة الكافية للتعامل مع الأطفال بحنان وعطف». تعليم ولعب أما سيدة الأعمال مي سعدي صاحبة حضانة «ركن الأطفال» فتشير إلى أن إنشاء الحضانات يهدف بالدرجة الأولى لخدمة الأطفال أنفسهم وشغل أوقات فراغهم ما بين اللعب والتعليم بالترفيه إضافة إلى تأمين الجو المناسب والآمن لهم تحت إشراف سعوديات متخصصات في الطفولة والأمومة وبما يساعد الطفل على التنشئة في بيئة اجتماعية طبيعية بحيث يتم تعليمه أسس الصلاة والتخاطب وبعض الأدعية البسيطة وأحرف اللغة العربية والإنجليزية بجانب حب الإسلام والوطن والملك وشهر رمضان والاندماج مع أطفال آخرين وبذلك تساعده على القضاء على الانطوائية لدى الطفل، مشيرة إلى أن الحضانة تقوم بتأهيل وتأسيس الطفل قبل دخوله المرحلة الابتدائية. وذكرت أن هناك إقبالا كبيرا على الحضانات من السيدات العاملات سواء في الحقل التعليمي أو المستشفيات والقطاعات الخاصة وحتى السيدات غير العاملات ذوات الظروف الصعبة والطارئة واللواتي بتخوفن من ترك اطفالهن مع الخادمة في منازلهن بل يحضرن أطفالهن مع الخادمة بحيث تكون تحت نظر المركز ويلاحظ العاملات فيه كيف تتعامل الخادمة مع الطفل.. وأشارت إلى أن مواعيد العمل في حضانة الأطفال في مركز «ركن الطفل» تبدأ من الساعة السابعة صباحا وينتهي العمل بها في تمام الحادية عشرة ليلا ومن السبت للخميس باستثناء يوم الجمعة، موضحة ان الرسوم مناسبة جدا وفي متناول جميع الطبقات وهناك رسوم شهرية واخرى أسبوعية ويومية شاملة للوجبات الغذائية والتعليم والترفيه وتوفير غرف نوم للأطفال مجهزة على أفضل مستوى. ولفتت إلى أن عدد العاملات المتخصصات من السعوديات لديهم في المركز أكثر من عشر عاملات حيث يستوعب المركز من ثلاثين لأربعين طفلا تقريبا مؤكدة سعيها للتوسع في افتتاح حضانات في أحياء متفرقة لخدمة الأمهات العاملات في الفترة الصباحية وحتى العاملات في الفترة المسائية كالطبيبات والممرضات. وأكدت أن استمرارية تجديد الأهالي وأولياء الأمور لبقاء أطفالهم لدى المركز دليل كبير على مدى نجاح المركز في التعامل مع الأطفال وحب الأطفال للجلوس والمكوث فيه ومدى تأمين المركز على الطفل من الصباح والمساء حتى إن المركز عمل على إقامة دورات في الإسعافات الأولية للعاملات في المركز في حال إن واجه الطفل أي مكروه كما يقوم المركز بزرع كاميرات مراقبة خارجية للتأكد من حضور والد ووالدة الطفل لإستلامه. أما منى البدر -صاحبة حضانة في أحد الأسواق- فتوضح أن الحضانة تستقبل أطفال المرأة العاملة والتي ليس لديها من يساعدها في الفترة الصباحية ولساعات معدودة والتي تود ترك طفلها أو طفلتها في الحضانة لفترة غيابها، قائلة: «نحن نرحب بهم ولدينا -دادات ومربيات- متخصصات تربويا وتعليميا للأطفال عدا عن ذلك ما يقدم لهم من وسائل ترفيه متعددة». 25 طفلا في الصالة وأشارت إلى أن الصالة تستوعب 15طفلا إضافة إلى 10 من الأطفال الرضع في القسم الخاص بالحضانة في الفترة الصباحية والمسائية مع العلم بأن الأم عندما تترك طفلها لا تزيد على ساعتين وتأتي لأخذه باستثناء حضانة الطفل والتي يجلس الطفل فيها لساعات في الفترة عندما تكون الأم في عملها سواء معلمة أو طبيبة أو تعمل في قطاع خاص ولدينا فترتان صباحية ومسائية. وأوضحت أن النشاط الذي تقوم به الحضانة لا يتوقف على توفير الألعاب والرسوم لهم ولكن يتعدى أكثر من ذلك بأنها تعمل على إقامة مسابقات وتوزيع الهدايا والألعاب بينهم وتتنوع المسابقات لهم فمنها ما تكون دينية وثقافية وحسابية لترسيخها في ذهن الطفل منذ مرحلة التأسيس. وتقول نادية سعيد مديرة حضانة أطفال بأحد المراكز النسائية الرياضية بجدة ان انشائها في البداية كي تودع العاملات أطفالهن لديه ثم توسعت بعد الإقبال الكبير عليها من قبل السيدات خاصة فى الفترة المسائية حيث إن النظام لديهم بالساعة ب20 ريالا ولليوم الواحد من الساعة الواحدة ظهرا الى الثانية عشرة ليلا 150 ريالا والشهر ب600 ريال, شاملة تقديم وجبة خفيفة مع العصائر إضافة إلى البرامج الترفيهية التي تقدم. وعن العاملات تقول: معظمهن من خريجات علم الاجتماع والنفس إضافة إلى موظفتين غير سعوديتين. أمهات وتجارب مريرة وعن تجارب بعض الأمهات مع الحضانات الخاصة تقول ام انمار الصبحي -الموظفة في احدى الشركات الخاصة- وتمتد ساعات عملها الى تسع ساعات يوميا ان لديها خادمة لا تأتمن ترك طفلها بين يديها وتفضل تركه في مركز متخصص لرعاية الاطفال لتكون مطمئنة عليه تحت اياد مختصة وذات خبرة. وتضيف: «منذ ان كان عمر ابني 40 يوما وانا اتركه في هذا المركز والان عمره سنه ونصف ولم افكر ولا للحظة ان يخرج وان رزقت بطفل اخر فسأسجله في نفس المركز وسأتحمل التكلفة العالية من اجل ان اطمئن على اطفالي». وتوضح ام يوسف مصطفى -سيدة مصرية تعمل بإحدى الشركات لثماني ساعات يوميا- انها ادخلت ابنها ذا الاربع سنوات الحضانة منذ اكثر من سنة وانه سعيد جدا واكتسب منها خبرات رائعة وهي تشعر بالامان عندما تترك ابنها في المركز لان المشرفين على المركز يبدون اهتماما كبيرا بالأطفال. وتقول ام هيلة الحمدان: «سجلت ابنتي التي تبلغ من العمر سنتين و3 اشهر في احدى الحضانات لأنها وحيدتي وليس لديها اخوة ليلعبوا معها طوال اليوم وايضا لكي تتعلم بعض المهارات كما اني لا استطيع تركها بيد الخادمة ولا اثق بها ابدا. حضانات منزلية أما سارة المصري إحدى الموظفات التي جربت حضانات المنازل لدى سيدة فلبينية فتقول: «عانيت كثيرا في فترة عدم وجود خادمة منزلية فبحثت عن خادمة من هنا لكنني لم اجد خادمة ترعى ابنتي جيدا ونظرا لغيابي طويلا بسبب عملي حيث اعمل ممرضة اضطررت ان الجأ الى حضانة المستشفى لكن إحدى الزميلات نصحتني بالا اضع ابنتي ذات الثلاثة اعوام بها لان هناك فيروسا اصاب الأطفال مما أوقعني في حيرة لاجد إحدى الممرضات من الجنسية الآسيوية تدلني على زميلة لنا من ذات الجنسية استقالت وجعلت من شقتها وهي بالقرب من المستشفى بمثابة حضانة لاستقبال اطفال الممرضات والطبيبات ممن يعانين نفس مشكلتي وبالفعل اضطررت ان اودع ابنتي لديها بمبلغ «500» ريال شهريا مع وضع الوجبة الخاصة بابنتي». واستطردت: «واستمررت شهرين إلى ان اخذت اجازتي السنوية حيث وجدت ان مستوى الرعاية والنظافة سيئ نظرا لعدد الاطفال المتزايد حيث وصل الى عشرة اطفال من سن الشهرين الى الاربع سنوات في غرفة صغيرة, لهذا قررت ان اخذ إجازتي السنوية الى ان استقدم العاملة وبعد عام وضعت ابنتي في روضة لاحدى المدارس». وتضيف: لابد ان ان يخصص كل قطاع به عدد من الموظفات مبنى مستقلا يجهز كحضانة خاصة باطفال منسوبات ذلك القطاع كي يرتاح بال الموظفة وتطمئن على اطفالها وفق انظمة نظام العمل لكن للاسف لا يعمل به». مراعاة ظروف الأمهات وعن تقييمها لأداء الحضانات الخاصة تشير أستاذ دراسات الطفولة المساعد بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة مها أركوبي أن على الدولة أن تكون النموذج الافضل لتقتدي بها جميع القطاعات الخاصة في الدولة كما عليها ان تلزم جميع دوائرها الحكومية بأن تكون حضانات للأطفال خاصة في المدارس والجامعات والمستشفيات وأي قطاع حكومي تعمل فيه المرأة وتوفير جميع الإمكانيات التي تجعل الطفل يعيش في بيئة سليمة وتراعي جميع احتياجاته وكأنه في منزله وتوفير متخصصات في الطفولة والأمومة حتى يستطيع الطفل دخول الروضة بشكل سليم. تجربة فريدة وعن تجربة جامعة الملك عبدالعزيز والتي كانت من اول القطاعات التي حرصت على وجود حضانة لمنسوباتها اوضحت وكيلة الاقتصاد المنزلي مشرفة قسم دراسات الطفولة المبكرة الدكتورة نهلة قهوجي أن حضانة الجامعة بدأت بجهود فردية من منسوبي الجامعة في شقة سكنية منفصلة عن مباني الجامعة الرئيسية في العام 1400ه، وكانت تضم في ذلك الوقت 15 طفلا وطفلة فقط ومع مرور الوقت نمت الحضانة وتزايد عدد الأطفال المسجلين بانتقال الحضانة إلى الصالة الرئيسية في مبنى القبول والتسجيل حتى تم إنشاء مبنى منفصل للحضانة داخل الحرم الجامعي مما أدى إلى زيادة المراحل العمرية وقبول أطفال في مرحلة الروضة وبذلك أصبحت تقدم خدماتها لكل من منسوبي وطالبات الجامعة. وأوضحت انه حتى تلك الفترة كان الإشراف عليها من قبل مجلس إدارة يضم في عضويته عميدة قسم الطالبات، وكيلة الاقتصاد المنزلي، ومشرفة أكاديمية من قسم دراسات الطفولة، مديرة الروضة، ومحاسبة الروضة وانه مع تزايد عدد الأطفال المسجلين وطلبات الالتحاق ظهرت الحاجة الى توسعة مبنى الروضة مع الأخذ في الاعتبار التقدم والتطور الهائل في مجال الطفولة المبكرة، مما ادى الى صدور موافقة مدير الجامعة على المقترح الذي تقدمت به عضوات قسم دراسات الطفولة بانشاء مبنى منفصل للحضانة وتوسعة مبنى الروضة الحالي لتزيد الطاقة الاستيعابية للمبنى الى 120 طفلا. وتضيف دكتورة قهوجي انه تم تصميم المبنى بما يضمن توفر بيئة آمنة تحقق للطفل النمو الاجتماعي والنفسي والحركي والعقلي في جو من المرح والمتعة والاكتشاف، وتوج هذا النجاح بالموافقة على انضمام حضانة وروضة الجامعة إلى منظومة الأعمال والمعرفة ضمن المعامل المركزية لجامعة الملك عبدالعزيز، وبذلك أصبحت الروضة معملا مركزيا لقسم دراسات الطفولة يشرف عليه نخبة من عضوات القسم المتخصصات في المجالات المختلفة للطفولة المبكرة ويضم معلمات مؤهلات من خريجات القسم يتطلعن لتطبيق أوجه الرعاية المتكاملة للطفل في المرحلة التأسيسية للخبرات والمهارات الحياتية، وبذلك تتحقق الأهداف التي كانت قبل أعوام أحلاما وأصبحت حقيقة. وأوضحت أن الجهود لم تتوقف عند ذلك الحد بل تم ضم حضانة المركز الطبي الى مركز الطفولة باشراف قسم دراسات الطفولة والتي توفر رعاية للأطفال من عمر شهرين الى ثلاث سنوات وتم دعمها لتكون مركزا يحقق معايير الجودة في الطفولة المبكرة، كما امتدت لتشمل كليات الفروع بالفيصلية في جامعة المؤسس ليتم تجهيز مبنى متكامل يقدم برنامجا تعليميا لمرحلة رياض الأطفال وأوجه رعاية متكاملة لمرحلة الرضع والمفطومين.