ولد في املج عام 1366ه، وتوفي في جدة عام 1438ه . . هذه الجمل تصلح ان تكون عنوانا مختصرا من وجهة نظرنا القاصرة لحياة بعض الناس ، غير انها لا تصلح لحياة الكاتب والصحافي محمد مسلم الفايدي يرحمه الله على المستوى الشخصي بالذات ثم الحياة العامة، فبين التاريخين ( 1366 1438ه ) حياة فيها كدر والكثير الكثير من المعاناة وقليل جدا من الراحة البدنية والاستقرار النفسي . لم تكن لقمة العيش الشغل الشاغل للفايدي ولا ايضا حياة الرفاهية لكن الحياة الكريمة للناس ثم له هي التي كانت هم الفايدي الاول، وعندما تكون العين بصيرة واليد قصيرة كما يقال فان المعاناة النفسية هي التي تصلح ان تكون عنوانا لحياة الفايدي وهي التي انعكس تأثيرها على صحته البدنية، والسرير الابيض هو المكان الوحيد الذي احتوى ذلك الجسد الخالي من الندوب السطحية لكن جراحا غائرة جدا كانت في داخله تنزف حتى اسلمته وفق قدر الله لمثواه الاخير في مقبرة امنا حواء . شرب من ماء البحر المالح حتى امتلأت بطنه عندما توفي والده وهو صغير واراد اخوته تربيته على حياة البحر الذي يكسبون منه لقمة العيش . . تعلم السباحة في البحر واجادها فوجدها سهلة فاختار حياة البر حيث السباحة الاصعب والاقسى . تحصيله العلمي كان بسيطا مكنه من القراءة والكتابة غير ان احبار الصحف كانت اكثر تأثيرا من كتب وكراريس المدرسة واحب ان يكون احد الذين يسودون الورق بما يكتبون ويستثيرون حفيظة المسئولين بسبب نقده لأعمالهم وذواتهم وتقصيرهم، ولم يكن على وفاق ابدا مع المجاملات وتلميع المسئولين وخاصة من العسكريين الذين صادقوه وصدقهم واحبوه ولم يهادنهم . عندما اعاقته علله النفسية والبدنية عن الكتابة في الصحف اصبح الصمت عنوانا لحياة الفايدي فلم يعد يسخر ولا يتحسر ولا يشارك في أي نقاش فاكتفى بالاستماع ثم الاستسلام لنوم يفرضه على نفسه عندما يتناول عقاقيره الطبية . بعد ان ذاع خبر وفاته كان من الطبيعي ان يتأثر اصدقاؤه ومحبوه فدعا الجميع له بالرحمة والمغفرة ورثاه بعضهم بمقالات واخرون بكلمات موجزة تعبيرا عن حزنهم مستعرضين محطات من حياة الفايدي ومستذكرين نهجه في حياته الصحفية فكتب الاستاذ عبد الله رواس يقول : استهوته مهنة المتاعب ( الصحافة ) فأنجذب إليها شيئا فشيئا من خلال مراسلته لصحيفة ( الرياض ) بالأخبار المثيرة التي كانت ردود افعالها لا تنسجم مع تكوينه القروي المحافظ لكنها ( الموهبة ) ونوازعها من غير شك . اما الاستاذ جميل فارسي فقال : عرفته صحفيا نزيها شريفا عفيفا ،وقد اكد على ذلك الاستاذ رفقي الطيب حيث قال : فقدنا قلما واعيا شريفا ونزيها وطاهر اليد والضمير وكان صوتا لمن لا صوت له من الضعفاء ورقيقي الحال ، وكذلك وصفه الاستاذ قينان الغامدي بقوله : عرفته صحفيا وكاتبا بنزاهة ومهنية وجراة . الدكتور عبد العزيز الصويغ وصف حال الفايدي حين يكتب فقال : كان يكتب مقالاته بمشاعره الصادقة تحس بألمه ومعاناته وكأنه يفقد مع كل كلمة خلية من خلايا جسمه ويضع مع كل حرف نقطة من دمه . اما الاستاذ جمال خاشقجي فقد وصف الفايدي مهنيا بقوله : رحم الله الصحفي المواطن استاذنا محمد الفايدي واعقبه الدكتور عبد الرحمن العرابي بتعليق قال فيه : العزاء للجميع في رجل خلوق وقلب طيب، ولم يبتعد كثيرا عن هذه الاجواء الاستاذ منصور ابو منصور حيث قال : رجل محترم من الجميع . الاستاذ ناصر الشهري كتب مقالة في جريدة البلاد ختمها بقوله : لقد رحل الصحفي الذي انفرد بمنهج مختلف في صناعة المهنة لسنوات طويلة وعاش في صمت وحزن ليرحل في صمت ظل يخفي خلفه " البوح " والصبر بعد اسدال الستار على مقالات كان يكتبها في نهاية المشوار تحت عنوان " كلام لا يهم احدا " ليبقى محمد الفايدي يرحمه الله قصة تهم الكثير في ذاكرة الصحافة والناس والحياة . جدة الاحد 5 رجب 1438ه / 2 مارس 2017م مرتبط