ليسمح لي القراء الأعزاء أن أقلق راحتهم في هذا اليوم في ما يخص حماقات السائقين وعدم التزامهم بقوانين السير .. ومن الحقائق التي لا يتناطح حولها كبشان كما يقول المثل، هي أن حوادث المرور تتكاثر بشكل فاضح في هذه الأيام العجاف،والمزدحمة بكوارث وجرائم يومية.. لدرجة جعلتنا نتبوأ المقاعد الخلفية.. من شدة الحذر والخوف . في البدء ان لم تمتلك أعصابك .. وتلتزم الهدوء في السواقة .. فإنك حتماً سوف يكون اسمك مدرجاً ضمن قائمة الحمقى الذين يرتكبون يومياً حوادث السير .. في مخالفة قواعد المرور .. سواء كان ذلك من قطع إشارة المرور .. أو الوقوف غير النظامي..أو تجاوزات خاطئة في المسار الأيمن .. والمخالفة الكبرى في هذه الحوادث تلك السرعة التي راح فيها ضحايا كثيرون موتى ومعاقين وعجزى .. وان هذه السرعة التي يزعم البعض منهم مراهقون وغير ملتزمين بأنها" فن القيادة " ويعلم ان السرعة المفرطة تفقد السيطرة على التحكم في قيادة السيارة .. ويعلم ان اليقين في السرعة حماقة .. لذلك تحدثه نفسه .. بأن الشك غير مريح .. كما ان عدم التزامه بقواعد المرور بأنه يتنزل عن قناعته وكبريائه . أن حماقة ذلك المراهق تتعايش بيننا ونشاهدهم بالعين وهم يرتكبون حوادث في قتل النفس .. إفرادا وموتا جماعيا.. نقف هنا امام المسئول .. ونقول له : ألا تعتبر هذه جريمة يحاسب عليها ذلك السائق المتهور و يجب أن يحال الى مساءلة وتحقيق بل ومنعه من قيادة السيارة لمدة تحددها إدارة المرور .. حتى تكون عقوبة لكل سائق يحاول الدخول الى نادي الحمقى ..؟ إنني هنا أوجه الاتهام الى المثقفين والمتعلمين .. في تجاهلهم لعدم تكريس اتجاهاتهم الفكرية في تثقيف سائق المركبة لاحترام قواعد المرور واخراجه من حالة الخوف من رجل المرور الى حالة احترام القانون. ولا أشك في الجهد المبذول من قبل المديرية العامة للمرور في الحد من حوادث السير فهو جهد كبير ويستحق التقدير، إلا انه وحده لن يكون كافياً، لان الحاجة تبقى ملحة للانتقال من حالة الخوف من رجل المرور إلى حالة احترام القانون، ومن ثم محاولة الانتقال إلى تكريس حالة ثقافية عامة تنعكس على سلوكيات السائقين .. وفي اعتقادي ان من يرتكب مخالفة مرورية كقطع اشارة فإنه يحتاج الى تثقيف ذاتي .. حتى لسلوكياته مع الناس وتهذبه.. لكي يمتلك حساً أنسانياً تجاه الآخرين .. فبارتكابه لهذه المخالفات يعرض نفسه وغيره للحوادث .. والتي لا تحمد عقباها .. وفي نفس الوقت يجب على رجل المرور أن يخلع الحمية من داخله وتجاهل تلك التجاوزات التي يشاهدها والبعض من هؤلاء نشاهدهم بالصوت والصورة يرتكبون مخالفات مرورية .. وهذه تشكل رمزية مهمة وعامل قدوة والركيزة الأولى في الانتقال إلى حالة احترام القانون ومن ثم إلى طور تكريس ثقافة قانونية مجتمعية حول السير..لابد أن لا تغيب عن فكره بأنه رجل دولة ومسؤوليته المحافظة على حياة الناس بكل ما تعنيه الكلمة.. ويا آمان الحافظين. ومضات: الهرطقة هي اسم آخر للحرية الفكرية. " غراهام غرين " [email protected]