كثر الحديث مؤخراً عن اهمية الصناعة وانشاء المرافق الصناعية، واستثمار الطاقات البشرية لتعظيم قيم الانتاج الصناعي والكلام الانشائي المنمق الذي يصدر من بعض الكتاب والمثقفين المنفصلين عن مستجدات الاقتصاد الغربي الذي اغلق مئات المصانع ونقلها للدول الآسيوية. السعودية مثلاً لديها صناعة (خزانات، فايبر جلاس واسمنت وسيراميك الخ) وكان من الممكن أن تصبح لدينا صناعات اكثر تعقيداً.. لو كان هناك مشتري من السوق الخارجي (التوسع الصناعي مرهون بالقدرة على التصدير). تعد الصناعة في العالم العربي شبه غائبة لفشل الدول العربية في فتح اسواق لمنتجاتها فيما بينها، وأيضا بسبب المنافسة العالمية (الصين تصنع بتكلفة اقل وسعر صرف اجود للمشتري) .لذلك لو اردت منافسة الصين صناعياً فعليك: بخفض متوسط تكلفة المعيشة وحسم الأجور وتعديل الحد الأدنى لدخل الفرد ليتقارب مع (تكلفة معيشة المواطن الصيني واجره المتدني) مقارنة بطول ساعات عمله التي جعلته يتصدر قوائم انتحار العمال في العالم بعد اليابان. للأسف ضعف الوعي الاقتصادي جعلنا نتغني بفتح المصانع دون النظر لدول الجوار ومخاطر دعم الصناعة محليا كما فعلت مصر مع (مصانع الغزل والنسيج والحديد والصلب) الغير مربحة والتي تكلفهم مئات الملايين شهريا مع عدم القدرة على اغلاقها لتلافي فصل الاف الموظفين بعد فشل حكوماتهم المتعاقبة في اعادة هيكلتها او غلقها ونقلها للدول الآسيوية. مثلاً، الولاياتالمتحدة ودول منظومة الاتحاد الاوروبي تحولوا من الصناعة للاختراع التكنولوجي فأغلقوا مصانع الفحم والشحم والسيارات والملبوسات واعادوا تصنيعها في اسيا والهند ودول شرق اوروبا. اي ان العقل الغربي تحول للاختراع والتطوير التكنولوجي (شاشات باللمس، شرائح ذاكرة، انظمة حجوزات إتصالات سيرفرات معالجة بيانات الخ) يخترعونها في مختبرات بلادهم التكنولوجية ثم يصنعونها في دول شرق آسيا حيث الايدي العاملة الرخيصة. اما اذا اصريت على فتح مصانع محلية: فعليك ان تفعل كما فعلت الدول الشيوعية التي منعت الاستيراد ووضعت عقبات امام التبادل التجاري (لحماية الصناعة المحلية) التي فقدت جودتها لغياب الزبون الاجنبي، وغياب المنافسة العالمية التي هربوا منها حفاظاً على صناعة داخلية هشة لا ترقي لمنافسة المنتجات العالمية. درجة الدكتوراه الجامعة الأوروبية، سويسرا.