(حينما يقاتل المرء لكى يغتصب أو ينهب, قد يتوقف عن القتال ادا امتلئت جعبته, أو انهكت الحرب قواه, ولكنه حين يحارب من أجل وطنه يمضى فى حربه الى النهاية). عبارة استوقفتنى قالها "عمر المختار" المجاهد الليبى الأصيل , وكم يشحنك قارئي الكريم مغزى تلك المقولة بزيادة الاحساس بالوطنية اللامتناهية والشعور بالعزة والارادة القوية ,…. ادن فاستمروا يا أحفاد "عمر المختار" فى معركتكم الى النهاية , فانها "معركة الكرامة" ونهايتها المقصودة لابد وأن تصبح استعادة لوحدة أراضيكم واسترداد لأمن وأمان واستقرار بلادكم, ولتستدعوا دائما ايها الليبيون الوطنيون روح جدكم "شيخ المجاهدين" فى الحرب على الاعداء, وامضوا فى طريقكم الوحيد الى النصر, ونحن معكم أينما كنتم أيها المناضلون فأنتم الأشقاء الأعزاء والجيران أيضا وأمنكم جزء لا يتجزء من أمننا القومى. وكنا قد ألقينا نظرة سريعة فى مقالنا السابق على الاوضاع الداخلية الخاصة بالشأن الليبى وخاصة بعد اتفاق "الصخيرات", وخلصنا تقريبا الى توضيح حجم الانقسامات الداخلية والصراعات الغير مسبوقة والتى تنذر بكل أسف بتفكك الدولة لا باستعادتها. والان سنحاول الاقتراب أكثر أو توضيح موقف المجتمع الدولى والقوى الاقليمية تجاه هدا الوضع المتأزم والمعقد للغاية في ليبيا, وذلك فى ظل حالة الاستقطاب التى يشهدها الاقليم اضافة الى التنافس بين القوى الكبرى بخصوص تصوراتها و مواقفها ومصالحها التى تنطلق منها , وكذلك ايضا وعلى الجانب الداخلى فى ظل غياب سلطة حقيقية قادرة على التعبير عن الدولة الليبية. وعلى الساحة الاقليمية… فيمكننا أن نحدد اتجاهين رئيسيين :الاول اتجاه يدعم مشاركة التيار الاسلامى كجماعة فجر ليبيا والمؤتمر الوطنى العام فى العملية السياسية ويضم كلا من تركيا و قطر و الجزائر, وقد نجح هدا الاتجاه فى اقناع حلفائه بالداخل بقبول التسوية السياسية الجديدة بعد اتفاق الصخيرات. أما الاتجاه الثانى فهو اتجاه لدعم مجلس النواب و قوات خليفه حفتر ضد تيار الاسلام السياسى, ويضم كلا من مصر و الامارات العربية,حيث حاولت كلتا الدولتين الضغط على جامعة الدول العربية لتبنى قرار يدعو لدعم المجلس و قوات الجنرال حفتر, وقد لا حظنا ان مجلس النواب بدا أدائه مترددا وغير قادر على مواكبة التطورات السياسية, حيث أخد الوضع الدفاعى وليس التفاوضى معتمدا على الدعم الاقليمى له من قبل مصر والامارات. أما على الساحة الدولية …فيمكننا أيضا أن نفرق بين اتجاهين أو محورين رئيسيين وكلاهما يحاول توجيه دفة الاحداث فى ليبيا لتأمين مصالحه الاستراتيجية : فالمحور الاول : تتزعمه إيطاليا وتدعمها امريكا, فايطاليا لها مصالح استراتيجية فى غرب ليبيا حيث "مجمع مليته للنفط والغاز"وهو شراكة نفطية عملاقة ما بين "شركة اينى" الايطالية و المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس, وتلك المنطقة ايضا التى يوجد بها منافذ الهجرة غير الشرعية, ويوجد بها كذلك مدينة "سرت" التى يسيطر عليها "تنظيم داعش الارهابى". أما المحور الثانى : فتتزعمه فرنسا وكلنا نعلم الماضى الاستعمارى لها فى ليبيا حيث كانت تدير اقليم "فزان"فى الجنوب الليبي بعد الحرب العالمية الثانية, وهو ما تتطلع اليه من جديد حاليا وهو ما يفسر ايضا ارسالها لقوات من النخبة لاستطلاع البيئة فى ليبيا استعدادا للترتيبات الدولية المحتملة خلال الفترة القادمة, حيث انها تنظر للتعاون الامريكى والايطالي على انه عودة للترتيبات التاريخية عندما كانت امريكا وايطاليا تديران منطقة الغرب "طرابلس", وبريطانيا تدير منطقة الشرق"برقة".