جدة البلاد تواصلت ردود الافعال الدولية والمحلية الغاضبة حيال موقف الادارة الامريكية الماضي في طريق مقاضاة الدول وتحميلها مسؤولية اعمال افراد من رعيتها بإقرار قانون «العدالة في مواجهة الدول الراعية للإرهاب» الأميركي المعروف اختصارا ب«جاستا»، وجاء رد الفعل الأقوى من موسكو التي حذرت واشنطن من أن القانون يهدد بوضعها في مواجهة مع العالم كله «بالمعنى الحرفي للكلمة». رفض عالمي: وكانت موسكو قد هاجمت بشدة الولاياتالمتحدة والكونغرس بمجلسيه، معتبرة إقرار قانون «جاستا» استخفافا مطلقا بالقانون الدولي ولجوءا للابتزاز يدمر سيادة الدول. وأكدت الخارجية الروسية في بيان أن كسر الفيتو الرئاسي يفضح جنون العظمة والسعي المتهور من قبل المشرعين الأمريكيين الذين ينطبق عليهم المثل «جنوا ما فعلت أيديهم». وانتقدت الخارجية القانون الذي يسمح لأي أمريكي برفع دعوى قضائية ضد أي بلد واتهامه بلا أساس بذنوب مميتة، مؤكدة أنه فضلا عن تدميره لمبادىء القانون الدولي فإنه يضرب الولاياتالمتحدة نفسها عندما تلجأ الدول إلى مبدأ المعاملة بالمثل. في غضون ذلك، نددت ردود الفعل العالمية والعربية بتجاوز الكونغرس الأمريكي الفيتو الرئاسي، في وقت يسعى 28 سناتورا أمريكيا إلى تعديل القانون «المشبوه» قبل نهاية العام الحالي، وتناقلت وسائل إعلام أمريكية رسالة جاءت تحت عنوان «عفوا لقد أخطأنا» عبروا فيها عن تخوفهم من عواقبه الخطيرة والوخيمة على الأمن القومي الأمريكي . ودعا رئيس مجلس النواب الأمريكي بول رايان إلى إصلاح القانون، محذرا من أنه يهدد القوات الأمريكية في الخارج. وكانت وزارة الخارجية السعودية اعتبرت ليل أمس الأول، أن اعتماد «جاستا» يشكل مصدر قلق كبير للدول التي تعترض على مبدأ إضعاف الحصانة السيادية، وأعرب مصدر مسؤول عن أمله أن تسود الحكمة وأن يتخذ الكونغرس الخطوات اللازمة لتجنب العواقب الخطيرة التي قد تترتب على القانون. واعتبرت نائبة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي هدى الحليسي، أن إجراء الكونغرس مؤشر خطير في ما يتعلق بالعلاقات السعودية الأمريكية. ودعت الحليسي إلى مضاعفة الجهود مع أصدقاء السعودية لإجهاض عدائية الكونغرس. وفي سيدني أكد وزير الدفاع الأسترالي أن "جاستا سيضعف الكفاح ضد الإرهاب". أما في لندن فنقلت صحيفة التلغراف تصريحات لمسؤولي الجيش والمخابرات البريطانية أعربوا فيها عن مخاوفهم إزاء إقرار ذلك القانون. كما أعربت باكستان عن رفضها لموقف المجلسين من فيتو الرئيس الأمريكي. ورأت تركيا أن "جاستا يمكن أن يعوق التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب". وعربياً، اعتبرت الكويت أن "جاستا" يمثل خرقاً للقانون الدولي، وأيدتها البحرين، مؤكدة أن "جاستا يشكل تهديداً للاستقرار الدولي. حقوق الانسان تعترض: فيما قال رئيس اللجنة العربية لحقوق الإنسان الدكتور هادي اليامي، أن القانون سيفتح أبواب الجحيم على الولاياتالمتحدة. وأكد اليامي أنه وفقاً للقاعدة التي تقول إن التعامل بالمثل، فإن بمقدور الدول الأخرى أن ترفع دعاوى قضائية في المحاكم الأميركية على مسؤولين أمريكيين لا يزال غالبيتهم يتولون مناصب حكومية ودستورية، بتهم ارتكاب أعمال ضد الإنسانية. وأضاف أن الأعمال التي ارتكبها الأميركيون يصنف بعضها ضمن الجرائم الموجهة ضد الإنسانية، فالقرار الذي يعني ببساطة رفع حصانة الدول ومسؤوليها، لن يستثني المسؤولين الأميركيين، ولا سيما في العراق وفيتنام، وما فظائع سجن أبوغريب ببعيدة، ويتيح القانون لفيتنام الاقتصاص من الجنود الأميركيين، وربما يصل الأمر بعائلات مئات الآلاف من اليابانيين إلى مقاضاة أميركا، التي أسقطت عليهم قنبلتين نوويتين في آب (أغسطس) 1945، وطلب تعويضات ضخمة. ونبه إلى غياب الصوت المدافع عن المملكة في الخارج، وتحديداً في دول الغرب والدول الكبرى، في ظل تزايد النظرة السلبية لنا، وارتفاع بعض الأصوات التي تريد إدانتنا ونسبة كل الشرور لنا، وما حدث داخل مجلس الشيوخ يؤكد صواب ما نقوله، إذ صوَّت المجلس بالإجماع لمصلحة تمرير القرار. وبيّن أن المملكة من أكثر الدول إسهاماً في المجالات الإنسانية، باعتراف الأممالمتحدة، إذ بذلت خلال العقود الأربعة الماضية نحو 110 بلايين ريال كمساعدات إنسانية أوباما في أول رد فعل: في أول رد فعل منه على وقف الكونجرس بمجلسيه للفيتو الرئاسي ضد قانون "جاستا"؛ قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن الأمر كان مسيّسًا ومتجاهلا للعواقب الخطيرة التي يُخلّفها إصدار هذا القانون. وأشار أوباما على هامش حوار مفتوح مع جنود أمريكيين سابقين وحاليين، إلى أن إصدار هذا القانون يعني أن المسؤولين الأمريكيين حول العالم قد يكونون مهددين بالمثل إذا ما تم انتهاك الحصانة السيادية للدول عبر مقاضاتها أمام المحاكم الأمريكية. وحذر أوباما من أن هذا القانون غير موجّه لدولة بعينها، وإنما يفتح الباب أمام خصومات مع دول عدة، من بينها حلفاء تاريخيون للولايات المتحدة. ويفتح قانون جاستا، أو "العدالة في مواجهة الدول الراعية للإرهاب"، الباب، في سابقة تاريخية، أمام تمكن الأفراد من انتهاك الحصانة السيادية للدول، وطلب تعويضات منها أمام القضاء الأمريكي. وفى السياق قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "CIA" جون برينان، إن العلاقات الأمريكية – السعودية في مجال مكافحة الإرهاب هي الأفضل، مشددًا على عدم وجود أي علاقة للمملكة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر، مرجحًا نشر الصفحات ال28 من تحقيقات الكونجرس والتي تبرّئ السعودية تمامًا. وأوضح برينان: "لدينا تعاون ممتاز مع السعودية، ولقد عملت مع شركائنا السعوديين لسنوات طويلة، وكنت أقيم في السعودية لخمس سنوات، وعملت مع ولي العهد الأمير محمد بن نايف وهو أيضًا وزير الداخلية، وعلى مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، أصبحت السعودية من أفضل حلفائنا في مجال مكافحة الإرهاب.. وبوجود الملك سلمان ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، نشعر أن لدينا شركاء أقوياء وحقيقيين في الحرب ضد الإرهاب". وشدد برينان على عدم وجود علاقة بين المملكة العربية السعودية وأحداث الحادي عشر من سبتمبر. وفقًا لقناة العربية. وأضاف مدير الاستخبارات الأمريكية: "إن ما يسمى بثمانية وعشرين صفحة هي جزء من تحقيق نشر عام 2002 بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وكانت مراجعة أولية من أجل وضع صورة كاملة وجمع المعلومات لكشف من كان وراء هذه الهجمات، وبعد ذلك قام المحققون بالتدقيق في ادعاءات تشير إلى أن الحكومة السعودية ضالعة، واتضح لاحقًا -حسب نتائج التقرير- أنه لا توجد أية أدلة تشير إلى تورط الحكومة السعودية كدولة أو مؤسسة أو حتى مسؤولين سعوديين، في اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر." وأضاف برينان :"أعتقد أن الصفحات الثماني والعشرين سيتم نشرها، وأنا أؤيد نشرها، والجميع سيرى بالأدلة، أن الحكومة السعودية غير متورطة، وطبعًا كل التقييمات التي تبعت التحقيقات، أثبتت أن من وراء هذا العمل هم القاعدة والظواهري وما شابههم." الصحافة الامريكية تحذر: ذكرت وكالة "الأسوشيتدبرس" أن تمرير قانون "جاستا" المزمع استغلاله لمقاضاة المملكة في اتهامات تتعلق بهجمات 11 سبتمبر، لا يعني أن القضايا التي ينوي أقارب الضحايا رفعها سوف تصل إلى مرحلة التقاضي أمام هيئة المحلفين. وقالت الوكالة في تقرير مطول نشرته الجمعة إن قاض اتحادي بالفعل فند الأسس القانونية التي تدور حول هذه القضية، مشيرًا إلى أن الأدلة التي يعتمد عليها أقارب الضحايا "ضعيفة، ومليئة بالاتهامات المتداولة إلى حد كبير". ونوهت "أسوشيتدبرس" بأن تقرير لجنة 11 /9 لم يجد أي دليل على الحكومة السعودية وقالت الوكالة الأمريكية إن القاضي جورج دانيالز في مانهاتن انتقد العام الماضي الكثير من الأدلة الجديدة التي يقول محامو أسر الضحايا إنها برزت لتعزيز مطالبهم. واهتمت صحف عربية برفض الكونغرس الأمريكي حق النقض الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما ضد قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب"، المعروف ب "جاستا" ، ويرى عدد من الكُتاب أن على الرياض اتخاذ إجراءات في مواجهة واشنطن التي لا يجب المراهنة عليها كحليف.